للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ فى تأويلِ قولِه تعالى: ﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ (١) أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا (٢٥) وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (٢٦)﴾.

يعني تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ﴾: من خطيئاتِهم ﴿أُغْرِقُوا﴾.

والعربُ تَجْعَلُ "ما" صلةً فيما نُوِى به مذهبُ الجزاءِ، كما يُقالُ: أينَما تَكُنْ أَكُنْ، وحيثما تَجْلِسْ أَجْلِسْ. ومعنى الكلامِ: من خطيئاتِهم ما (٢) أُغْرِقوا.

وكان ابنُ زيدٍ يقولُ في ذلك ما حدَّثني يونسُ، قال: أخبرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ فى قولِه: ﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ﴾. قال: فبخطيئاتِهم ﴿أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا﴾.

وكانت الباءُ هاهنا فصلًا فى كلامِ العربِ.

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ قولَه: ﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا﴾. قال: بخطيئاتِهم أُغْرِقوا.

واختلَفت القرَأَةُ فى قراءةِ قولِه: ﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ﴾؛ فقرَأته عامةُ قرَأةِ الأمصارِ غيرَ أبي عمرٍو: ﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ﴾ بالهمزِ والتاءِ. وقرَأ ذلك أبو عمرٍو: (ممَّا خَطاياهُمْ) بالألفِ بغيرِ همزٍ (٣).

والقولُ عندَنا أنهما قراءتان مَعْرُوفتان، فبأيتِهما قرَأ القارئُ فهو مُصيبٌ.

وقولُه: ﴿فَأُدْخِلُوا نَارًا﴾: جهنمَ، ﴿فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا﴾:


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "خطاياهم". وهما قراءتان كما سيأتى.
(٢) سقط من: م.
(٣) ينظر النشر ٢/ ٢٩٢.