للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنه لا يَخْفَى عليه ما استَسْررتَه في نفسِك، فلم تُبدِه بجوارحِك ولم تتكلَّمْ بلسانِك، ولم تَنطِقْ به، ﴿وَأَخْفَى﴾.

ثم اختلَف أهلُ التأويلِ في المَعْنِيِّ بقولِه: ﴿وَأَخْفَى﴾؛ فقال بعضُهم: معناه: وأخفَى مِن السرِّ. قال: والذي هو أخفَى مِن السرِّ ما حدَّث به المرءُ نفسَه ولم يَعمَلْه.

ذِكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا حكَّامٌ، عن عمرٍو، عن عطاءٍ، عن سعيدِ بن جبيرٍ، عن ابن عبَّاسٍ: ﴿يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾. قال: السرُّ ما عَلِمتَه (١) أنتَ، ﴿وَأَخْفَى﴾. ما قذَف اللهُ في قلبِك مما لم تعلَمْه (٢).

وحدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثني عمِّي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عبَّاسٍ قولَه: ﴿يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾. يَعنِي بـ "أخفَى"، ما لم يَعمَلْه (٣) وهو عاملُه، وأما "السرُّ"، فيعنى ما أسرَّ في نفسِه.

وحدَّثنى عليٌّ، قال: ثنا عبدُ اللهِ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عبَّاسٍ قولَه: ﴿يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾. قال: السرُّ ما أسرَّ ابن آدمَ في نفسِه، ﴿وَأَخْفَى﴾. قال: ما أخفَى ابن آدمَ مما هو فاعلُه قبل أن يَعْمَلَه (٤)، فاللهُ يعلَمُ ذلك، فعلْمُه (٥) فيما مضَى من ذلك وما بَقِى علمٌ واحدٌ، وجميعُ الخلائقِ عندَه في ذلك كنفسٍ واحدةٍ،


(١) في م، ف: "عملته".
(٢) في م: "تعمله".
والأثر أخرجه الحاكم ٢/ ٣٧٨ من طريق عمرو بن أبي قيس به، وأخرجه أبو الشيخ في العظمة (١٧٢) من طريق عطاء به.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "يعلمه".
(٤) في ف: "يعلمه".
(٥) في ت ١: "فعمله".