للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اغْتَسلْنَ؛ لإجماعِ الجميعِ على أنها لا تصيرُ بالوضوءِ بالماءِ طاهرًا الطُّهرَ الذى يَحِلُّ لها به الصلاةُ، وأن القولَ لا يخلو فى ذلك مِن أحدِ أمرين؛ إمَّا أن يكونَ معناه: فإذا تَطهَّرْنَ من النجاسةِ فَأْتُوهنَّ. وإن كان ذلك معناه، فقد يَنبغى أن يكونَ متى انْقَطع عنها الدمُ فجائزٌ لزوجِها جماعُها إذا لم تكنْ هنالك نجاسةٌ ظاهرةٌ، هذا إن كان قولُه: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ﴾ جائزًا استعمالُه فى التطهُّرِ من النجاسةِ، ولا أعلمُه جائرًا إلَّا على استكراهِ الكلامِ. أو يكونَ معناه: فإذا تَطهَّرْنَ للصلاةِ. و (١) فى إجماعِ الجميعِ من الحجةِ على أنه غيرُ جائزٍ لزوجِها غشيانُها بانقطاعِ دمِ حيضِها، إذا لم يكنْ هنالك نجاسةٌ دونَ التطهُّرِ بالماءِ إذا كانت واجِدَتَه - أدلُّ الدليلِ على أن معناه: فإذا تَطهَّرْنَ الطهرَ الذى يَجْزِيهنَّ به الصلاةُ. وفى إجماعِ الجميعِ من الأمةِ على أن الصلاةَ لا تَحِلُّ لها إلا بالاغتسالِ، أوضحُ الدَّلالةِ على صحةِ ما قلنا مِن أن غشيانَها حرامٌ إلا بعدَ الاغتسالِ، وأن معنى قولِه: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ﴾: فإذا اغتَسلْنَ فصِرْنَ طواهرَ الطُّهْرَ الذى يَجْزِيهنَّ به الصلاةُ.

القولُ فى تأويلِ قولِه جلّ ذكرُه: ﴿فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ﴾.

اخْتَلف أهلُ التأويلِ فى تأويلِ قولِه: ﴿فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ﴾؛ فقال بعضُهم: معنى ذلك: فَأتُوا نساءَكم إذا تَطهَّرْنَ من الوجهِ الذى نهيتُكم عن إتيانِهنَّ منه فى حالِ حيضِهنَّ، وذلك الفرجُ الذى أمَر اللهُ بتركِ جماعِهن فيه فى حالِ الحيض.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنى يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، قال: ثنا ابنُ عُلَيَّةَ، عن محمدِ بنِ إسحاقَ، قال: ثنى أبانُ بنُ صالحٍ، عن مجاهدٍ، قال: قال ابنُ عباسٍ فى قولِه: ﴿فَأْتُوهُنَّ مِنْ


(١) زيادة يقتضيها السياق.