للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عقوبةٌ لرمْيِهم مريمَ بالبهُتانِ العظيمِ، ولا لقولِهم: ﴿إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ﴾. وإذ كان ذلك كذلك، فبيِّنٌ أن الذين قالوا هذه المقالةَ هم غيرُ الذين عُوقِبوا بالصاعقةِ، وإذا كان ذلك كذلك، كان بيِّنًا انفصال معنى قولِه: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ﴾ مِن معنى قولِه: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ﴾.

القولُ في تأويلِ قوله جل ثناؤُه: ﴿وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (١٥٦)﴾.

قال أبو جعفرٍ: يعنى بذلك جلَّ ثناؤُه: وبكفرِ هؤلاء الذين وصَف صفتَهم، ﴿وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا﴾ يعني: بفِرْيتِهم عليها، ورمْيِهم إياها (١) بالزنى، وهو البُهتانُ العظيمُ؛ لأنهم رمَوْها بذلك، وهى مما رمَوْها به بغيرِ ثَبَتٍ ولا برهانٍ بَريئةٌ، فبهَتوها بالباطلِ مِن القولِ.

وبمثلِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني المثنى، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ بنُ صالحٍ، عن عليِّ بنِ أبي طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا﴾ يعني: أنهم رَمَوْها بالزنى (٢).

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ مُفَضَّلٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ قولَه: ﴿وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا﴾: حينَ قذَفوها بالزنى (٣).


(١) في الأصل: "إياهم".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٠٩ (٦٢٣٠) من طريق عبد الله بن صالح به.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٤/ ١١٠٩ عقب الأثر (٦٢٣٠) من طريق أسباط به.