للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللِّفُّ ألفافًا.

وقال آخرُ منهم: لم نَسْمَعْ بـ: شجرةٌ لَفَّةٌ. ولكنَّ واحدَها لَفَّاءُ، وجمعَها لِفٌّ، وجمعَ لِفٍّ ألفافٌ، فهو جمعُ الجمعِ.

والصوابُ من القولِ في ذلك أن الألفافَ جمعُ لِفٍّ أو لفيفٍ، وذلك أن أهلَ التأويلِ مُجْمِعون على أن معناه: ملتفةٌ. واللَّفَّاءُ هي الغليظةُ، وليس الالتفافُ من الغِلَظ في شيءٍ، إلا أن يُوَجَّهَ إلى أنه غِلَظُ الالتفاف، فيكون ذلك حينَئذٍ وجهًا.

وقولُه: ﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إن يومَ يَفْصِلُ اللهُ فيه بينَ خلقِه، فيأخُذُ فيه من بعضِهم لبعضٍ، كان ميقاتًا لما أنفَذ اللهُ لهؤلاءِ المكذِّبين بالبعثِ، ولضُربائِهم من الخلقِ.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا﴾: وهو يومٌ عظَّمه اللهُ، يَفْصِلُ اللهُ فيه بينَ الأوَّلين والآخِرين بأعمالِهم (١).

وقولُه: ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ﴾. تَرْجَمَ بـ: ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ﴾. عن يومِ الفصل، فكأنه قيل: يومُ الفصلِ كان أجلًا لما وعَدْنا هؤلاءِ القومَ، يومَ يُنْفَخُ في الصورِ.

وقد بيَّنتُ معنى الصورِ فيما مضَى قبلُ، وذكرتُ اختلافَ أهلِ التأويلِ فيه، فأغنَى ذلك عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٢).


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٠٧ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) ينظر ما تقدم في ٩/ ٣٣٩، ٣٤٠، ١٥/ ٤١٦ - ٤١٩.