للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: بل الخيانةُ التي وصَف اللهُ بها مَن وصَفه بها بقولِه: ﴿وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾: جحودُه وديعةً كان أُودِعَها.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بن مفضلٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾. قال: أمَّا ﴿بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ﴾، فما أوحَى إليك. قال: نزَلت في طُعْمَةَ بن أُبَيْرِقٍ، اسْتَودَعه رجلٌ مِن اليهود درعًا، فانطَلَق بها معه (١) إلى دارِه، فحفَر لها اليهوديُّ ثم دفَنها، فخالَفه إليها طُعْمةُ، فاحتفَر عنها فأخَذها، فلما جاء اليهوديُّ يَطْلُبُ درعَه كابَره (٢) عنها، فانطلَق إلى ناسٍ من اليهودِ مِن عشيرتِه، فقال: انْطَلِقوا معى، فإنى أعرِفُ موضِعَ الدرعِ. فلما علم بهم طُعمةُ، أخَذ الدرعَ فألقاها في دارِ أبى مُلَيلٍ الأنصاريِّ، فلما جاءت اليهودُ تَطْلُبُ الدرعَ فلم تَقْدِرُ عليها (٣)، وقع به طُعمهُ وأناسٌ من قومِه فسبُّوه، قال: أتَّخَوِّنُونَني؟! فانطَلَقوا يَطْلُبونها في دارِه، فأشرَفوا على بيتِ أبي مُلَيلٍ، فإذا هم بالدرعِ، وقال طُعْمَةُ: أخذها أبو مُلَيلٍ. وجادَلت الأنصارُ دونَ طُعْمةَ، وقال لهم: انْطَلِقوا معى إلى رسولِ اللهِ فقُولوا له يَنْضَحُ (٤) عنى ويُكَذِّبُ حجةَ اليهوديِّ، فإني إن أُكَذَّبْ كذَب على أهلِ المدينةِ اليهوديُّ، فأتاه أناسٌ مِن الأنصارِ فقالوا: يا رسولَ اللهِ، جادلْ عن طُعمةَ، وأكذِبِ اليهوديَّ. فهمَّ رسولُ اللهِ أن يَفْعَلَ، فأنزل اللهُ عليه: ﴿وَلَا تَكُنْ


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، س.
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، س: "كافره". وكابره على حقه: جاحده وغالبه عليه. التاج (ك ب ر).
(٣) في الأصل: "عليه". والدرع مما يؤنث وقد يذكر.
(٤) نضح عنه: ذب ودفع. اللسان (ن ض ح).