للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جميعًا، على ذي السَّعةِ والغِنَى منكم مِن مَتاعِهن حينَئذٍ بقدْرِ غناه وسَعَتِه، وعلى ذي الإقْتارِ والفاقَةِ منكم منه بقدْرِ طاقتِه وإقْتارِه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (٢٣٦)﴾.

يعني تعالى ذكرُه بذلك: ومتِّعوهن متاعًا. وقد يَجوزُ أن يَكونَ ﴿مَتَاعًا﴾ منصوبًا قطعًا (١) مِن "القَدَرِ"؛ لأن "المتاعَ" نكرةٌ، "والقَدَرَ" معرفةٌ.

ويعني بقولِه: ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾: بما أمَرَكم اللَّهُ به مِن إعطائكموهن (٢) ذلك بغيرِ ظلمٍ، ولا مُدافعةٍ منكم لهن به.

ويعني بقولِه: ﴿حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾: متاعًا بالمعروفِ الحقِّ على المحسنين. فلمَّا دلَّ إدخالُ الألفِ واللامِ على "الحقِّ"، وهو مِن نعتِ "المعروفِ"، و"المعروفُ" معرفةٌ، و"الحقُّ" نكرةٌ، نُصِب على القَطْعِ منه، كما يقالُ: أتاني الرجلُ راكبًا. وجائزٌ أن يكونَ نُصِب على المصدرِ مِن جملةِ الكلامِ الذي قبلَه، كقولِ القائلِ: عبدُ اللَّهِ عالمٌ حقًّا. فـ "الحقُّ" منصوبٌ مِن نيةِ كلامٍ المُخْبِرِ، كأنه قال: أُخْبرُكم بذلك حقًّا. والتأويلُ الأولُ هو وجهُ الكلامِ؛ لأن معنى الكلامِ: فمتَّعوهن متاعًا بمعروفٍ حقٍّ على كلِّ مَن كان منكم محسنًا.

وقد زعَم بعضُهم (٣) أن ذلك منصوبٌ بمعنى: أُحِقُّ ذلك حقًّا. والذي قاله مِن ذلك بخلافِ ما دلَّ عليه ظاهرُ التلاوةِ؛ لأن اللَّهَ تعالى ذكرُه جعَل المتاعَ للمطلَّقاتِ حقًّا لهن على أزواجِهن، فزعَم قائلُ هذا القولِ أن معنى ذلك أن اللَّهَ تعالى


(١) القطع هو الحال.
(٢) في م: "إعطائكم لهن".
(٣) هو الفراء في معاني القرآن ١/ ١٥٤.