للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُه أَخْبَر عن نفسِه أنه يُحِقُّ أن ذلك على المحسنين.

فتأويلُ الكلامِ إذن - إذ كان الأمرُ كذلك -: ومَتِّعوهن على المُوسِعِ قَدَرُه، وعلى المُقْتِرِ قَدَرُه، متاعًا بالمعروفِ الواجبِ على المحسنين.

ويعني بقوله: ﴿الْمُحْسِنِينَ﴾: الذين يُحْسِنون إلى أنفسِهم في المُسارَعةِ إلى طاعةِ اللَّهِ فيما أَلْزَمَهم به، وأدائِهم ما كلَّفَهم مِن فرائضِه.

فإن قال قائلٌ: إنك قد ذكَرْتَ أن الجُناحَ هو الحرجُ، وقد قال اللَّهُ تعالى ذكرُه: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ﴾. فهل علينا مِن جُناحٍ لو طلَّقْناهن بعدَ المَسِيسِ فيُوضَعَ عنا بطلاقِناهن (١) قبلَ المَسِيسِ؟

قيل: قد رُوِي عن رسولِ اللَّهِ ﷺ أنه قال: "إن اللَّهَ لا يُحِبُّ الذَّوَّاقِين ولا الذَّوَّاقاتِ (٢) ".

حدَّثنا بذلك ابن بشارٍ، قال: ثنا ابن أبي عَدِيٍّ وعبدُ الأعْلَى، عن سعيد، عن قتادةَ، عن شَهْرِ بن حَوْشَبٍ، عن النبيِّ ﷺ (٣).

ورُوي عنه ﷺ أنه قال: "ما بالُ أقوامٍ (٤) يَلْعَبون بحدودِ اللَّهِ، يَقُولون: قد


(١) في م: "بطلاقنا إياهن".
(٢) قال ابن الأثير في النهاية ٢/ ١٧٢ يعني السريعي النكاح السريعي الطلاق. وقال الزمخشري في أساس البلاغة (ذ و ق): كلما تزوج أو تزوجت مد عينه أو مدت عينها إلى أخرى أو آخر.
(٣) أخرجه الدارقطني في الأفراد - كما في المقاصد الحسنة (١٢٨١) - من طريق سعيد، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة. وأخرجه ابن أبي شيبة ٥/ ٢٥٣ من طريق ليث، عن شهر بن حوشب مرسلا. وفي الباب عن أبي موسى وعبادة بن الصامت. ينظر مجمع الزوائد ٤/ ٣٣٥، والبزار (١٤٩٧، ١٤٩٨ - كشف)، والطبراني في الأوسط (٧٨٤٨)، وكشف الخفا ١/ ٣٠٤، ٢/ ٣٤٦، وغاية المرام في تخريج الحلال والحرام (٢٥٥، ٢٥٦).
(٤) في ص، ت ١، ت ٢: "قوم".