للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ فاتحةِ الكتابِ

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾.

قال أبو جعفرٍ: ومعنى ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾. الشكرُ للَّهِ خالصًا دونَ سائرِ ما يُعْبَدُ مِن دونِه، ودونَ كلِّ ما برَأ (١) مِن خلقِه، بما (٢) أنْعَم على عبادِه مِن النِّعَمِ التي لا يُحْصِيها العددُ، ولا يُحِيطُ بعددِها غيرُه أحدٌ، في تصحيحِ الآلاتِ لطاعتِه، وتَمْكينِ جَوارحِ أجسامِ المكلَّفِين لأداءِ فَرائضِه، مع ما بسَط لهم في دُنْياهم مِن الرزقِ، وغذَاهم به مِن نعيمِ العيشِ، مِن غيرِ اسْتِحْقاقٍ منهم ذلك (٣) عليه، ومع ما نبَّهَهم عليه ودعاهم إليه، مِن الأسبابِ المُؤَدِّيةِ إلى دَوامِ الخُلودِ في دارِ المُقامِ في النعيمِ المُقيمِ، فلربِّنا الحمدُ على ذلك كلِّه أولًا وآخرًا.

وبما ذكَرْنا مِن تأويلِ قولِ ربِّنا جلّ ثناؤُه وتقَدَّسَت أسماؤُه: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾. جاء (٤) الخبرُ عن ابنِ عباسٍ وغيرِه.

حدَّثنا محمدُ بنُ العَلاءِ، قال: حدَّثنا عثمانُ بنُ سعيدٍ (٥)، قال: حدَّثنا بشرُ بنُ عُمارةَ، قال: حدَّثنا أبو رَوْقٍ، عن الضَّحَّاكِ، عن ابنِ عباسٍ، قال: قال جبريلُ لمحمدٍ: قلْ يا محمدُ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾. قال ابنُ عباسٍ:


(١) في م: "يُرى".
(٢) في ص: "مما".
(٣) في م: "لذلك".
(٤) بعده في م: "عن".
(٥) في ص: "سعد". وتقدم على الصواب. وينظر تهذيب الكمال ١٩/ ٣٧٩.