للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمَّا صَدَّقوا رسولَهم وأقرُّوا بما جاءهم به بعدَما أظَلَّهم العذابُ، وغَشِيَهم أمرُ اللَّهِ، ونزَل بهم البلاءُ، كَشَفنا عذابَ الهوانِ والذلِّ في حياتِهم الدنيا، ﴿وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾. يقولُ: وأَخَّرنا في آجالهم ولم نُعاجِلهم بالعقوبةِ، وتَرَكناهم في الدنيا يَسْتَمْتعون فيها بآجالِهم إلى حينِ مماتِهم، ووقتِ فناءِ أعمارِهم التي قَضَيْتُ فَناءَها (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٩٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه: ﴿وَلَوْ شَاءَ﴾ يا محمدُ ﴿رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا﴾ بك فصَدَّقوك أنك لى رسولٌ، وأن ما جئتَهم به وما تَدْعوهم إليه، مِن توحيدِ اللهِ وإخلاصِ العبودةِ له، حقٌّ، ولكنه (٢) لا يشاءُ ذلك؛ لأنه قد سبَق مِن قضاءِ اللهِ قبلَ أن يبعَثك رسولًا: إنه لا يؤمِنُ بك ولا يتَّبعُك فيصدِّقُك بما بعثكَ اللهُ به مِن الهُدى والنورِ إلا مِن قد (٣) سَبَقَت له السعادةُ فى الكتابِ الأوَلِ، قبلَ أن يَخْلُقَ السماواتِ والأرضَ وما فيهن. وهؤلاء الذين عَجِبوا [مِن صِدْقِ إيحائِنا إليك هذا القرآنَ] (٤)؛ لتُنْذِرَ به مِن أمرتُك بإنذارِه ممن قد سبق له عندى أنهم لا يؤمنون بك في الكتابِ السابقِ.

وبنحوِ الذي قلنا الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) بعده في الأصل: "تم السفر والحمد لله كثيرًا، يتلوه إن شاء الله القولُ في تأويلِ قوله ﷿: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ﴾. وسيتم من هنا اعتماد أرقام المخطوط ت ١ أصلا في النص.
(٢) فى م: "لكن".
(٣) سقط مِن: م، ف.
(٤) فى ص، ت ١، ت،٢، س، ف: "من إيحائنا إليك صدق هذا القرآن"