للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾. قال: فتَبْطُلَ أيمانُهم، وتُؤْخَذَ أَيمانُ هؤلاء (١).

وقال آخرون: معنى ذلك: تَحْبِسونهما مِن بعدِ الصلاةِ، ذلك أدنى أن يَأْتُوا بالشهادةِ على وجهِها، [وعلى] (٢) أنهما اسْتَحَقَّا إثمًا، فَآخَران يقومان مَقامَهما.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ مُفَضَّلٍ، قال: ثنا أسْباطُ، عن السديِّ، قال: يُوقَفُ الرجلان بعدَ صلاتِهما في دينِهما، فيَحْلِفان باللهِ: لا نَشْتَرِى به ثمنًا قليلًا ولو كان ذا قُرْبى، ولا نَكْتُمُ شهادةَ اللهِ، إنا إذن لمن الآثِمِين، إن صاحبَكم لَبِهذا أوْصَى، وإن هذه لَتركتُه. فيقولُ لهما الإمامُ قبلَ أن يَحْلِفا: إنكما إن كنتما كتَمْتُما أو خُنْتُما، فضَحْتُكما في قومِكما، ولم تَجُزْ (٣) لكما شهادةٌ، وعاقَبْتُكما. فإذا قال لهما ذلك، فإن ذلك أدنى أن يَأْتُوا بالشهادةِ على وجهِها (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه عز ذكرُه: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وخافُوا الله أيُّها الناسُ، وراقِبوه في أيمانِكم، أن تَحْلِفُوا بها كاذبةً، وأن تُذهِبوا بها مالَ مَن يَحْرُمُ عليكم مالُه، وأن تَخونوا مَن أَتَّمنَكم، ﴿وَاسْمَعُوا﴾. يقولُ: اسْمَعوا ما يُقالُ لكم، وما تُوعَظون به، فاعْمَلوا به، وانْتَهُوا إليه، ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾. يقولُ: واللهُ لا يُوَفِّقُ مَن فسَق عن أَمرِ ربِّه، فخالَفه وأطاع الشيطانَ وعصَى ربَّه.


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٤٤ إلى المصنف.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "على".
(٣) في م: "أجز".
(٤) تقدم تخريجه في ص ٧٨.