للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾. قال: الآثِمُ: المُذْنبُ الظالمُ، والكفورُ، هذا كلُّه واحدٌ. وقيل: ﴿أَوْ كَفُورًا﴾. والمعنى: ولا كفورًا.

قال الفرَّاءُ (١): "أو" ههنا بمنزلةِ ["لا"، و "أو"] (٢) في الجحدِ والاستفهامِ والجزاءِ تكونٌ بمعنى "لا"، فهذا مِن ذلك من ذلك مع الجحدِ، ومنه قولٌ الشاعرِ (٣):

لا وَجْدُ ثَكْلَى كما وَجِدْتُ وَلا … وَجْدُ عَجُولٍ أَضَلَّهَا رُبَعُ (٤)

أَوْ وَجْدُ شَيْخٍ أَضَلَّ نَاقَتَهُ … يَوْمَ تَوَافَى (٥) الحَجِيجُ فَانْدَفَعُوا

أراد: ولا وَجْدُ شيخٌ، قال: وقد يكونُ في العربيةِ: لا تُطِيعنَّ منهم من أَثِم أو كفَر، فيكونُ المعنى في "أو" قريبًا من معنى "الواوِ"، كقولك للرجلِ: لأُعْطِينَّك سألتَ أو سكتَّ. معناه: لأُعْطِينَّك على كلِّ حالٍ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٢٥) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (٢٦) إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (٢٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكره: واذكر يا محمدُ اسم ربِّكَ فادْعُه به بكرةً في صلاةِ الصبحِ، وعشيًّا في صلاةِ الظهرِ والعصرِ، ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ﴾.

يقولُ: ومن الليلِ فاسْجُدْ له في صلاتِك، ﴿وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا﴾. يعنى: أكثرَ


(١) معاني القرآن ٣/ ٢١٩، ٢٢٠.
(٢) في م: "الواو".
(٣) هو مالك بن عمرو. وينظر الكامل للمبرد ٢/ ٨٥، ٨٦.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "رفع".
(٥) في ص، ت ٢: "تولى".