للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد حدَّثني يعقوبُ بنُ إبراهيم، قال: ثنا ابنُ عُلَيَّةَ، عن أيوبَ، عن نافعٍ، قال: أطالَ الحجاجُ الخطبةَ، فوَضَع ابنُ عمرَ رأسَه فى حِجْرى، فقال الحجاجُ: إن ابنَ الزبيرِ بَدَّلَ كتابَ اللهِ. فَقَعَد ابنُ عمرَ فقال: لا تستطيعُ أنت ذاك ولا ابنُ الزبيرِ، ﴿لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ﴾. فقال الحجاجُ: لقد أوتيتَ علمًا إن نفَعك (١). قال أيوبُ: فلما أقبَل عليه في خاصةِ نفسِه سَكَتَ (٢).

وقولُه: ﴿ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: هذه البشرى في الحياةِ الدنيا وفي الآخرةِ هى الفوزُ العظيمُ، يعنى: الظَّفَرَ بالحاجةِ والطَّلِبَةِ والنجاةِ من النار.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : لا يَحْزُنْك يا محمدُ قولُ هؤلاء المشركين فى ربِّهم ما يقولون، وإشراكُهم معه الأوثانَ والأصنامَ؛ فـ ﴿إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فإن اللهَ هو المُنفرِدُ بعزّةِ الدنيا والآخرةِ لا شريكَ له فيها، وهو المُنتقِمُ من هؤلاء المشركين القائلين فيه مِن القولِ الباطلِ ما يقولون، فلا يَنصُرُهم عندَ انتقامِه منهم أحدٌ؛ لأنه لا يُعازُّه شيءٌ، ﴿هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾. يقولُ: وهو ذو السمعِ لِما يقولون مِن الفِرْيةِ والكذبِ عليه، وذو علمٍ بما يُضْمِرُونه في أنفسِهم ويُعْلِنونه، مُحْصى ذلك عليهم كلِّه، وهو لهم بالمرصادِ.


(١) فى م، ت ١: "تفعل"، وفى ت ٢، س، ف: "يفعل"، وغير منقوطة في "ص". والمثبت من مستدرك الحاكم.
(٢) أخرجه الحاكم ٢/ ٣٣٩، ٣٤٠ من طريق ابن علية به، وأخرجه البيهقي في الأسماء والصفات (٥٢٨) من طريق نافع به.