للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولياءَه، كقولِ القائلِ: هو يُعْطِى الدراهمَ، ويكسو الثيابَ. بمعنى: هو يُعطِى الناسَ الدراهمَ، ويكْسُوهم الثيابَ، فحذَف ذلك للاستغناءِ عنه. وليس الذي شبَّه من (١) ذلك بمشتَبِهٍ (٢)، لأن الدراهمَ في قولِ القائلِ: هو يُعطى الدراهمَ. معلومٌ أن المعطَى هي الدراهمُ، وليس كذلك الأولياءُ في قولِه: ﴿يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ﴾. مخوَّفين، بل التخويفُ من الأولياءِ لغيرِهم، فلذلك افْتَرقا.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٥)﴾.

يعني تعالى ذكرُه: فلا تخافوا أيها المؤمنون المشركين، ولا يعظُمَنَّ عليكم أمرُهم، ولا تَرْهَبوا جمعَهم مع طاعتِكم إياى؛ ما أطعْتَموني، واتبعتم أمرى، وإني متكفِّلٌ (٣) لكم بالنصرِ والظَّفَرِ، ولكن خافونِ، واتقوا أن تَعصُوني، وتخالفوا أَمْرِى، فتَهلِكوا، ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾. يقولُ: ولكن خافونى دونَ المشركين، ودونَ جميعِ خلقى أن تخالفوا أَمرِى، إن كنتم مصدِّقي رسُولي، وما جاءكم به من عندِي.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ولا يَحْزُنْك يا محمدُ كفرُ الذين يسارعون في الكفرِ، مرتدِّين على أعقابِهم من أهلِ النفاقِ، فإنهم لن يضرُّوا اللَّهَ شيئًا بمسارعتِهم في الكفرِ، كما أن مسارعتَهم لو سارعوا إلى الإيمانِ لم تكنْ بنافعتِه، فكذلك مسارعتُهم إلى الكفرِ غيرُ ضارَّتِه.


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، ص.
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بمشبه".
(٣) في ص، ت ١، س: "متكلف".