للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معدودة. وإذ كان ذلك كذلك، فإنما أُمر المؤمنون أن يُصابروا غيرهم من أعدائهم حتى يُظْفِرَهم الله بهم، ويُعْلِيَ كلمته، ويُخْزِى أعداءهم، وألا يكونَ (١) عدوُّهم أصبرَ منهم.

وكذلك قوله: ﴿وَرَابِطُوا﴾. معناه: ورابطوا أعداءكم وأعداء دينكم من أهل الشركِ في سبيل الله.

وأرَى أصلَ الرِّباط ارتباط الخيلِ للعدوِّ، كما ارتبط عدوُّهم لهم خيلهم (٢)، ثم استُعمل ذلك في كلِّ مقيمٍ في ثغرٍ يَدْفَعُ عمن وراءه من أرادهم من أعدائهم بسوءٍ، ويَحْمى عنهم من بينه وبينهم ممن بغاهم بشرٍّ، كان ذا خيلٍ قد ارتَبَطها، أو ذا رُجْلةٍ (٣) لا مَرْكبَ له.

وإنما قلنا: معنى: ﴿وَرَابِطُوا﴾: ورابطوا أعداءكم وأعداء دينكم؛ لأن ذلك هو المعنى المعروفُ من معاني الرِّباطِ، وإنما يُوَجَّهُ الكلامُ إلى الأغلب المعروفِ في استعمال الناسِ مِن معانيه دونَ الخَفَيِّ، حتى تأتى بخلاف ذلك - مما (٤) يُوجِبُ صرفه إلى الخَفَيِّ مِن معانيه - حجةٌ يَجِبُ التسليمُ لها، من كتاب الله ﷿، أو خبر عن الرسول ، أو إجماعٍ من أهل التأويل.

القولُ في تأويل قوله جلَّ ثناؤه: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠)﴾.

قال أبو جعفرٍ: يعنى تعالى ذكرُه: واتَّقوا الله أيها المؤمنون، فاحذروه أن


(١) في م: "يكن".
(٢) في ص، ت ١: "حناهم"، وفى ت:٢: "حيالهم"، وفى ت ٣: "خبالهم".
(٣) الرجلة: المشى راجلًا. اللسان (ر ج ل).
(٤) في النسخ: "ما". والمثبت ما يقتضيه السياق.