للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: يقولون: إنما نُطْمِعُكم، إذا هم أَطْعَمُوهم، لوجهِ اللهِ. يَعْنُون طلبَ رضا اللهِ والقُرْبةِ إليه، ﴿لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾. يقولون للذين يُطْعِمُونهم ذلك الطعامَ: لا نُريدُ منكم أيُّها الناسُ، على إطعامِناكم، ثوابًا ولا شُكُورًا.

وفى قولِه: ﴿وَلَا شُكُورًا﴾ وجهان مِن المعنى؛ أحدُهما: أن يكونَ جمعَ الشُّكْرِ كما الفُلوسُ جمعُ فَلْسٍ، والكُفُورُ جمعُ كَفْرٍ. والآخرُ: أَن يكون مصدرًا واحدًا في معنى جمعٍ، كما يقالُ: قَعَد قُعُودًا، وخرَج خُرُوجًا.

وقد حدَّثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن سالمٍ، عن مجاهدٍ: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾. قال: أما إنَّهم ما (١) تكلَّموا به، ولكن عَلِمه اللهُ مِن قلوبِهم، فأَثْنى به عليهم؛ ليَرْغَبَ في ذلك راغبٌ (٢).

حدَّثنا محمدُ بنُ سِنانٍ القَزَّازُ، قال: ثنا موسى بنُ إسماعيلَ، قال: ثنا محمدُ بنُ مسلمِ بن أبى الوضاحِ، عن سالمٍ، عن سعيدِ بن جبيرٍ: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾. قال: أما واللهِ ما قالوه بألسنتِهم، ولكن عَلِمه اللهُ من قلوبِهم، فأَثْنى عليهم؛ ليَرْغَبَ في ذلك راغبٌ (٢).

القولُ في تأويلِ قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (١٠) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (١١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه مخبرًا عن هؤلاءِ القومِ الذين وصَف صفتَهم، أنَّهم يقولون لمن أَطْعَمُوه مِن أهلِ الفاقةِ والحاجةِ: ما نُطْعِمُكم طعامَا نَطْلُبُ منكم عِوضًا على


(١) سقط من: ت ٢ ت ٣.
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٨/ ٣١٤، والبغوي ٨/ ٢٩٥.