للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حُدِّثت عن الحسينِ (١) بنِ الفرجِ، قال: ثنا الفضلُ بنُ خالدٍ، قال: ثنا عُبيدُ بنُ سليمانَ، عن الضحَّاكِ، قال: الجنفُ الخطأُ، والإثمُ العمدُ.

وأمَّا قولُه ﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ فإنه يعنى: واللهُ غفورٌ للموصِى فيما كان حدَّث به نفسَه من الجنفِ والإثمِ، إذا ترَك أن يَجْنَفَ ويَأْثَمَ في وصيَّتِه، فتجاوز له عما كان حدَّثَ به نفسَه من الجوْرِ؛ إذْ (٢) لم يُمْضِ ذلك فيَفْعَلَ، أنْ يُؤَاخِذَه به، رحيمٌ بالمُصْلِحِ بينَ الموصِى وبينَ مَن أراد أن يَجْنَفَ (٣) عليه لغيرِه أو يَأْثَمَ فيه له.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣)

يعنى بذلك جلَّ ثناؤُه: يا أيها الذين آمَنوا باللهِ ورسولِه، وصدَّقوا بهما وأقرُّوا.

ويعنى بقولِه: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾: فُرِض عليكم الصيامُ.

والصيامُ مصدرٌ من قولِ القائلِ: صمتُ عن كذا وكذا -يعنى: كفَفْتُ عنه- أصومُ عنه صومًا وصيامًا. ومعنى الصيامِ الكفُّ عما أَمَر اللهُ بالكفِّ عنه. ومن ذلك قيل: صامت الخيلُ. إذا كفَّتْ عن السيرِ، ومنه قولُ نابغةِ بنى ذُبيانَ (٤):

خَيْلٌ صِيامٌ وخَيْلٌ غيرُ صَائمَةٍ … تحتَ العَجاجِ (٥) وأخْرَى (٦) تَعْلُكُ اللُّجُما (٧)


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الحسن".
(٢) في الأصل: "إذا".
(٣) في م، ت ١: "يحيف".
(٤) ديوانه ص ١١٢.
(٥) العجاج: الغبار. اللسان (ع ج ج).
(٦) في الديوان: "خيل".
(٧) علَكت الدابةُ اللجامَ: لاكته وحركته في فيها. اللسان (ع ل ك).