للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا محمدُ إلى أمرِنا فيما أمَرناك ونهيناك، من بسطِ يدِك فيما تَبْسُطُها فيه، وفي مَن تَبْسُطُها له، وفى (١) كفِّها عمَّن تَكُفُّها عنه، وتَكُفُّها فيه، فنحن أعلمُ بمصالح العبادِ منك ومن جميعِ الخلقِ، وأبصرُ بتدبيرِهم.

كالذي حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: ثم أخبَرنا كيفَ يصْنَعُ، فقال: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ﴾. قال: يَقْدِرْ: يُقلُّ، وكلُّ شيءٍ في القرآنِ "يَقْدِرُ" كذلك. قال: ثم أخبرَ عبادَه أنه لا يرزَؤُه ولا يئُوده أن لو بَسَط عليهم، ولكن نظرًا لهم منه، فقال: ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ [الشورى: ٢٧]. قال: والعربُ إذا كان الخِصْبُ وبُسِط عليهم أَشِروا (٢)، وقتَل بعضُهم بعضًا، وجاء الفسادُ، فإذا كان السَّنَةُ (٣) شُغِلوا عن ذلك (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (٣١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وقَضَى ربُّك يا محمدُ ألَّا تعبُدوا إلا إياه، وبالوالِدَين إحسانًا، فموضعُ ﴿تَقْتُلُوا﴾ نَصْبٌ (٥) عطفًا على ﴿أَلَّا تَعْبُدُوا﴾.

ويعنى بقولِه: ﴿خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ﴾: خوفَ [افتِقارٍ ونقْصٍ] (٦).


(١) في م: "من".
(٢) الأشر: النشاط للنعمة والفرح بها، ومقابلة النعمة بالتكبر والخيلاء، والفخر بها، وكفرانها بعدم شكرها. التاج (أ ش ر).
(٣) السنة: الجدب والقحط. التاج (س ن هـ).
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٧٩ إلى ابن أبي حاتم.
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "نصبًا".
(٦) في م: "إقتار وفقر".