للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٦)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : ﴿قُلْ﴾ يا محمدُ لهؤلاءِ الأعرابِ القائلين: آمنَّا. ولمَّا يدخلِ الإيمانُ في قلوبِهم: ﴿أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ﴾ أيُّها القومُ، ﴿بِدِينِكُمْ﴾. يعني: بطاعتِكم ربَّكم، ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾. يقولُ: واللَّهُ الذي تُعَلِّمونه أنكم مؤمنون، عَلَّامُ جمِيعِ ما في السماواتِ السبعِ والأرَضِينَ السبعِ، لا يَخْفى عليه شيءٌ منه فكيف تُعلِّمونه بدينِكم والذي أنتم عليه من الإيمانِ، وهو لا تخفَى عليه خافيةٌ في سماءٍ ولا أرضٍ، فيخفى عليه ما أنتم عليه من الدينِ؟ ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾. يقولُ: واللَّهُ بكلِّ ما كان، وما هو كائنٌ، وما (١) يكونُ - ذو علمٍ. وإنما هذا تقدُّمٌ من اللَّهِ إلى هؤلاء الأعرابِ بالنَّهْيِ عن أن يكذِّبوا ويقولوا غيرَ الذي هم عليه في دينِهم. يقولُ: اللَّهُ محيطٌ بكلِّ شيءٍ، عالمٌ به، فاحْذَروا أن تقولوا خلافَ ما يعلمُ مِن ضمائرِ صدورِكم، فَتَنالَكم عقوبتُه، فإنَّه لا يَخْفَى عليه شيءٌ.

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٧)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : يَمُنُّ عليك هؤلاء الأعرابُ يا محمدُ أنْ أسلَموا، قلْ لهم (٢): ﴿لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ﴾. يقولُ: بل اللَّهُ يَمُنُّ عليكم أيُّها القومُ أَنْ وفَّقَكم للإيمانِ به وبرسولِه، ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾. يقولُ: إن كنتم صادقين في قولِكم: آمنَّا.


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بما".
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.