للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بيدِه، وأنه الهادى إلى الحقِّ من شاء، والمُضِلُّ مَن أراد دونَه ودونَ كلِّ أحدٍ سواه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٩) وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (١٠)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: أتَّخَذ (١) هؤلاء المشركون باللَّهِ من دونِ اللَّهِ أولياءَ يَتَوَلَّوْنهم، ﴿فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ﴾. يقولُ: فاللَّهُ هو وليُّ أوليائِه، وإياه فلْيَتَّخِذوا وليًّا، لا الآلهةَ والأوثانَ، ولا ما لا يَمْلِكُ لهم ضرًّا ولا نفعًا، ﴿وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتَى﴾. يقولُ: واللَّهُ يُحْيِي الْمَوتى مِن بعدِ مَماتِهم، فيَحْشُرُهم يومَ القيامةِ، ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير﴾. يقولُ: واللَّهُ القادرُ على إحياءِ خلقِه مِن بعدِ مماتِهم، وعلى غيرِ ذلك، إنه ذو قدرةٍ على كلِّ شيءٍ (٢).

وقوله: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وما اخْتَلَفْتُم أيُّها الناسُ فيه من شيءٍ، فتنازَعْتُم بينَكم، ﴿فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾. يقولُ: فإن اللَّهَ هو الذي يَقْضِى فيه بينَكم، ويَفْصِلُ فيه الحكمَ.

كما حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾. قال ابن عمرٍو في حديثِه: فهو يَحْكُمُ فيه. وقال الحارثُ: فاللَّهُ يَحْكُمُ فيه (٣).

وقوله: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾. يقولُ لنبيِّه محمدٍ : قلْ


(١) في م: "أم اتخذ".
(٢) بعده في ت ٢: "قدير شاء"، وبعده في ت ٣: "شاء".
(٣) تفسير مجاهد ص ٥٨٨، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.