للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولُ اللهِ ﷿: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ﴾ [المائدة: ٢٩]. يعنى: تَنْصَرِفَ مُتَحَمِّلَهما (١) وتَرْجِعَ بهما، قد صارا عليك دُونى.

فمعنى الكلامِ إذن: فرجَعوا مُنْصَرِفِين مُتَحَمِّلِين غَضَبَ اللهِ، قد صار عليهم مِن اللهِ غَضَبٌ، ووجَب عليهم منه سَخَطٌ. كما حُدِّثْتُ عن عمارٍ، قال: حدَّثنا ابنُ أبى جعفرٍ، عن أبيه، عن الرَّبيعِ في قولِه: ﴿وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ﴾. فحدَث عليهم غَضَبٌ مِن اللهِ (٢).

حدَّثنا يحيى بنُ أبى طالبٍ، قال: أخْبَرَنا يَزيدُ، قال: أخْبَرَنا جُوَيْبِرٌ، عن الضَّحَّاكِ في قولِه: ﴿وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ﴾. قال: اسْتَحَقُّوا الغضَبَ مِن اللهِ (٣).

وقد بيَّنَّا معنى غضَبِ اللهِ جلَّ ثناؤُه على عبدِه فيما مضَى مِن كتابِنا هذا، فأغْنَى عن إعادتِه في هذا المكانِ (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾.

يعنى بقولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿ذَلِكَ﴾. ضرْبَ الذِّلةِ والمَسْكَنةِ عليهم، وإحلالَ (٥) [غضبِه بهم] (٦)، فدلَّ بقولِه: ﴿ذَلِكَ﴾ -وهو يعنى به ما وصَفْنا- على أن قولَ القائلِ: ذلك. يَشْمَلُ المعانىَ الكثيرةَ إذا أُشِير به إليها.


(١) في الأصل: "محتملهما".
(٢) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ١٢٦ (٦٣١) من طريق ابن أبى جعفر به.
(٣) ذكره ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ١٢٦ عقب الأثر (٦٣١) معلقًا. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٧٣ إلى المصنف.
(٤) ينظر ما تقدم في ١/ ١٨٩، ١٩٠.
(٥) في م: "إحلاله".
(٦) في ت ٣: "الغضب عليهم".