للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِمَا عَصَوْا﴾. والمعنى: ذلك بعصيانِهم وكونِهم (١) مُعْتَدِين.

والاعتداءُ تَجاوُزُ الحدِّ الذى حدَّه اللهُ تعالى ذكرُه لعبادِه إلى غيرِه، وكلُّ مُتجاوِزٍ حدَّ شيءٍ إلى غيرِه فقد تَعَدَّاه إلى ما تجاوَز إليه. فمعنى الكلامِ: فعَلْتُ بهم ما فعَلْتُ مِن ذلك بما عصَوْا أمرى، وتَجاوَزوا حدِّى إلى ما نهَيْتُهم عنه.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا﴾.

أما ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾، فهم المُصَدِّقُون رسولَ اللهِ فيما أتاهم به مِن الحقِّ مِن عندِ اللهِ، وإيمانُهم بذلك تصديقُهم به، على ما قد بيَّنَّا فيما مضَى مِن كتابِنا هذا (٢).

وأما ﴿وَالَّذِينَ هَادُوا﴾، فهم اليهودُ، ومعنى ﴿هَادُوا﴾: تابوا، يقالُ منه: هادَ القومُ يَهودُون [هِوَادًا وَهِيَادةً] (٣). وقيل: إنما سُمِّيَت اليهودُ يهودًا؛ مِن أجلِ قولِهم: ﴿إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾ [الأعراف: ١٥٦].

حدَّثنا القاسمُ، قال: حدَّثنا الحسينُ، قال: حدَّثنى حجَّاجٌ، عن ابنِ جُرَيْجٍ (٤)، قال: إنما سُمِّيَتِ اليهودَ؛ مِن أجْلِ أنهم قالوا: ﴿إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه ﴿وَالنَّصَارَى﴾.

﴿وَالنَّصَارَى﴾ جمعٌ، واحدُهم نَصْرَانُ، كما واحدُ السَّكارَى سَكْرانُ، وواحدُ النَّشَاوَى نَشْوانُ، وكذلك جمعُ كلِّ نعتٍ كان واحدُه على فَعْلانَ، فإن جمعَه على فَعَالَى، إلا أن المستفيضَ مِن كلامِ العربِ في واحدِ النَّصارَى نَصْرانيٌّ،


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "كفرهم".
(٢) ينظر ما تقدم في ١/ ٢٤٠.
(٣) في م، ت ١، ت ٢: "هودًا وهادة".
(٤) بعده في ت ٢: "قال مجاهد".