للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّصيحةَ لعبادِ اللهِ في أمرِ محمدٍ (١).

حدَّثنا القاسمُ، قال: حدَّثنا الحسينُ، قال: حدَّثنى حجاجٌ، قال: قال ابنُ جُرَيْجٍ، عن مُجاهدٍ: ﴿وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ﴾: اليهوديةَ والنصرانيةَ بالإسلامِ.

وحدَّثنى يونُسُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: أخْبَرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ﴾. قال: الحقُّ التوراةُ التي أنْزَل اللهُ تعالى ذكرُه على موسى، والباطلُ الذى كتَبوه بأيديهم (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه جلّ ثناؤه؛ ﴿وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤٢)﴾.

قال أبو جعفرٍ: وفى قولِه: ﴿وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ﴾ وجهان مِن التأويلِ؛ أحدُهما: أن يكونَ اللهُ تعالى ذكرُه نهاهم عن أن يَكْتُموا الحقَّ، كما نهاهم عن أن يَلْبِسوا الحقَّ بالباطلِ. فيَكونُ تأويلُ ذلك حينَئذٍ: ولا تَلْبِسوا الحقَّ بالباطلِ، ولا تكْتُموا الحقَّ. ويَكونُ قولُه: ﴿وَتَكْتُمُوا﴾ عندَ ذلك مَجْزومًا بما جُزِم به ﴿تَلْبِسُوا﴾ عَطْفًا عليه.

والوجهُ الآخرُ منهما: أن يَكونَ النهىُ مِن اللهِ تعالى ذكرُه لهم عن أن يَلْبِسوا الحقَّ بالباطلِ، ويكونَ قولُه: ﴿وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ﴾ خبرًا منه عنهم بكِتمانِهم الحقَّ الذى يَعْلَمونه. فيَكونُ قولُه حينَئذٍ: ﴿وَتَكْتُمُوا﴾ منصوبًا لانْصرافِه عن معنى قولِه: ﴿وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ﴾. إذ كان قولُه: ﴿وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ﴾ نهيًا، وقولُه: ﴿وَتَكْتُمُوا﴾ خبرًا معطوفًا عليه غيرَ جائزٍ أن يُعادَ عليه ما عمِل في


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٩٨ (٤٥٤) من طريق آدم به.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٦٤ إلى المصنف.