للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو جعفرٍ : يعنى بقولِه جلَّ ثناؤه: ﴿إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾. ما اللهُ أيها القائلون: اللهُ ثالثُ ثلاثةٍ. كما تقولون؛ لأن مَن كان له ولدٌ فليس بإلهٍ، وكذلك مَن كان له صاحبةٌ، فغيرُ جائزٍ أن يكونَ إلها معبودًا، ولكنّ اللهَ الذى له الأُلُوهةُ والعبادةُ إلهٌ واحدٌ [ومعبودٌ واحدٌ] (١)، لا ولدَ له، ولا والدَ، ولا صاحبةَ، ولا شريكَ، ثم نزَّه جلَّ ثناؤُه نفسَه، وعظَّمها، ورفَعها عما قال فيه أعداؤُه الكفرةُ به، فقال: ﴿سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ [وَلَدٌ﴾. يقولُ: تعالى اللَّهُ وتعظَّم وتنزَّه عن أن يكونَ له ولدٌ أو صاحبةٌ.

ثم أَخْبَر] (٢) جلَّ ثناؤُه عبادَه أن عيسى وأمَّه ومَن فى السماواتِ ومَن فى الأرضِ عبيدُه ومُلْكُه (٣) وخلقُه، وأنه رازقُهم وخالقُهم، وأنهم أهلُ حاجةٍ وفاقةٍ إليه؛ احتجاجًا منه بذلك على مَن ادَّعى أن المسيحَ ابنُه، جلَّ ذكرُه، وأنه لو كان كما قالوا لم يكنْ ذا حاجةٍ إليه، ولا كان له عبدًا مملوكًا، فقال: ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾. يعنى: للهِ ما فى السماواتِ وما فى الأرضِ من الأشياء كلِّها، مُلْكًا وخلقًا، وهو يرزُقُهم ويقُوتُهم ويدبِّرُهم، فكيف يكونُ المسيحُ ابناً له، وهو فى الأرضِ أو فى السماواتِ غيرُ خارجٍ من أن يكونَ (٤) فى بعضِ هذه الأماكنِ؟!

وقولُه: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾. يعنى: وحَسْبُ ما فى السماواتِ وما فى الأرضِ باللَّهِ قَيِّماً بها ومدبِّرًا ورازقًا، من الحاجةِ معه إلى غيرِه.

القولُ فى تأويلِ قولِه جل ثناؤه: ﴿لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ﴾.


(١) فى م: "معبود".
(٢) سقط من: ص.
(٣) فى ص: "ماله".
(٤) بعده فى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "له".