للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعنى بقولِه جل ثناؤه: ﴿قَوْلٌ مَعْرُوفٌ﴾: قولٌ جميلٌ، ودعاءُ الرجلِ لأخيه المسلمِ، ﴿وَمَغْفِرَةٌ﴾ يعنى: وسترٌ منه عليه، لما عَلِم مِن خلَّتِه (١) وسوءِ حالتِه، ﴿خَيْرٌ﴾ عندَ اللهِ ومَن صَدَقَةٍ يَتَصَدَّقُها عليه. ﴿يَتْبَعُهَا أَذًى﴾ يعنى: يَشْتَكِيه عليها، ويُؤْذِيه بسببِها.

كما حدَّثني المثنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا أبو زُهيرٍ، عن جُويبرٍ، عن الضَّحّاكِ قولَه: ﴿قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى﴾ يقولُ: أن يُمْسِكَ مالَه خيرٌ مِن أن يُنْفِقَ مالَه ثم يُتْبِعَه مَنًّا وأذًى.

وأمَّا قولُه: ﴿وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ﴾. فإنه يعنى: واللَّهُ غنيٌّ عمّا يَتَصَدَّقُون به، حليمٌ حين لا يَعْجَلُ بالعقوبةِ على من يَمُنُّ بصدقتِه منكم، ويُؤْذِى فيها مَن يَتَصَدَّقُ بها عليه.

ورُوِى عن ابن عباسٍ في ذلك ما حدَّثنا به المثنَّى، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليّ بن أبى طلحةَ، عن ابن عباسٍ: الغَنِيُّ: الذي قد كَمُل في غِناه، والحليمُ: الذي قد كَمُلَ في حِلْمِه (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه جلّ ثناؤه: ويَتَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾.

يعنى بذلك تعالى ذكرُه: يأيها الذين (٣) صَدَّقُوا اللَّهَ ورسولَه، ﴿لَا تُبْطِلُوا


(١) الخَّلة: الحاجة والفقر. اللسان (خ ل ل).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره - كما في مجموع الفتاوي ١٧/ ٢١٩، ٢٢٠ - وأبو الشيخ في العظمة (٩٨) من طريق أبى صالح به.
(٣) بعده في م، ت ١، ت ٢: "آمنوا".