للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَحَصُورًا﴾. قال: الحصورُ الذي لا يُريدُ النساء.

حدَّثني محمدُ بنُ سِنَانٍ، قال: ثنا أبو بكر الحنفيُّ، عن عبَّادٍ، عن الحسن: ﴿وَحَصُورًا﴾. قال: الذي (١) لا يَقْرَبُ النساءَ (٢).

وأمَّا قوله: ﴿وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾. فإنه يعنى: رسولًا لربِّه إلى قومه، يُنْبِئُهم عنه بأمرِه ونهيه، وحلالِه وحرامه، ويُبَلِّغُهم عنه ما أَرْسَله به إليهم.

ويعنى بقوله: ﴿مِنَ الصَّالِحِينَ﴾: من أنبيائه الصالحين.

وقد دلَّلْنا فيما مضى على معنى "النبوَّةِ" وما أصلُها، بشواهدِ ذلك والأدلة الدالَّة على الصحيح من القول فيه بما أغْنَى عن إعادته (٣).

القولُ في تأويل قوله: ﴿قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ﴾.

يعنى أن زكريَّا قال إذ نادته الملائكةُ ﴿أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ -: ﴿أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ﴾. يعنى: مَن بلغ مِن السِّنِّ ما بلغتُ لم يُولَدْ له، ﴿وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ﴾ والعاقرُ من النساء التي لا تَلِدُ. يقال منه: امرأَةٌ عاقرٌ، ورجلٌ عاقرٌ. كما قال عامر ابن الطُّفَيْل (٤):


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢.
(٢) ينظر التبيان ٢/ ٤٥٢.
وقال القاضي في الشفا ١/ ١١٦: اعلم أن ثناء الله على يحيى بأنه حصور ليس كما قال بعضهم: إنه كان هَيُوبا، أولا ذكر له، بل قد أنكر هذا حذاق المفسرين ونقاد العلماء، وقالوا: هذه نقيصة وعيب ولا نليق بالأنبياء، وإنما معناه أنه معصوم من الذنوب، أي: لا يأتيها، كأنه حصر عنها … وينظر تفسير ابن كثير ٢/ ٣١.
(٣) ينظر ما تقدم في ٢/ ٣٠، ٣١.
(٤) مجاز القرآن ١/ ٩٢.