للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَذَّكَّرُونَ (٥٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : فإما تَلْقَيَنَّ في الحربِ هؤلاء الذين عاهَدْتهم، فنقضُوا عهدَك مرةً بعد مرة مِن قُرَيظَةَ فتَأْسِرْهم، ﴿فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ﴾. يقولُ: فافْعَلْ بهم فعلًا يكونُ مُشَرِّدًا مِن خلفَهُم مِن نظرائهم ممَّن بينَك وبينَه عهدٌ وعقدٌ.

والتشريدُ: التطريدُ والتبديدُ والتفريقُ.

وإنما أُمِر بذلك نبيُّ اللهِ أن يَفْعَلَ بالناقضِ العهد بينَه وبينَهم، إذا قدَر عليهم، فعلًا يكونُ إخافةً لمن وراءَهم ممن كان بينَ رسولِ اللهِ وبينَه عهدٌ، حتى لا يَجْتَرِئوا على مثل الذي اجْتَرَأ عليه هؤلاء الذين وصَف اللهُ صفتَهم في هذه الآية مِن نقضِ العهدِ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا عبدُ اللَّهِ بن صالحٍ، قال: ثني معاويةُ بنُ صالحٍ، عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ﴾ يعني: نكِّلْ بهم مِن بعدَهم (١).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ: ﴿فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ﴾. يقولُ: نكِّلْ بهم مَن وراءَهم (٢).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٧٢٠ من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٩١ إلى ابن المنذر.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٩١ إلى المصنف.