للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكِعابٌ، ونحوُ ذلك مِن الأسماءِ. فأما جمعُ الفَعْلِ على الفُعُلِ أو الفُعْلِ، فشاذٌّ قليلٌ، إنما جاء في أحرفٍ يسيرةٍ، وقيل: سَقْفٌ وسُقُفٌ وسُقْفٌ، و: قَلْبٌ وقُلُبٌ وقُلْبٌ، مِن قَلْبِ النخلِ، وجَدٌّ وجُدٌّ، للجَدِّ الذي هو بمعنى الحظِّ. وأما ما جاء مِن جمعِ فَعْلٍ على فُعْلٍ فـ "ثَطٌ وثُطٌّ"، ووَرْدٌ ووُرْدٌ، و [جَوْنٌ وجُونٌ] (١).

وإنما دعا الذي قرَأ ذلك: (فَرُهُنٌ). إلى قراءتِه - فيما أظُنُّ - كذلك، مع شُذوذِه (٢) في جمعِ فَعْلٍ، أنه وجَد الرِّهانَ مستعملةً في رِهانِ الخيلِ، فأحبَّ صرفَ لفظِ ذلك عن اللفظِ المُلتبِسةِ برهانِ الخيلِ، الذي هو بغيرِ معنى الرِّهانِ، الذي هو جمعُ رَهْنٍ، ووجد الرُّهُنَ مَقُولًا في جمعِ رَهْنٍ، كما قال قَعْنبٌ (٣):

بانَتْ سُعادُ وأَمْسَى دُونَها عَدَنُ … وغُلِّقَتْ (٤) عِنْدَها مِن قَلْبِكَ الرُّهُنُ

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ﴾.

يعنى بذلك جلَّ ثناؤُه: فإن كان المَدينُ أمينًا عندَ رَبِّ المالِ والدَّينِ، فلم يَرْتَهِنْ منه في سفرِه رَهْنًا بدينِه؛ لأمانته عندَه على مالِه وثِقَتِه به، فليتقِ اللَّهَ المَدينُ ﴿رَبَّهُ﴾. يَقُولُ: فليَخَفِ اللَّهَ رَبَّه في الذي عليه مِن دينِ صاحبِه أن (٥) يَجْحَدَه، أو يَلُطَّ (٦) دُونَه به، أو يُحاوِلَ الذهابَ به، فيَتَعَرَّضَ مِن عقوبةِ اللَّهِ ما لا قِبَلَ له به، وليؤدِّ دينه الذي ائْتَمَنَه عليه إليه.


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "خود وخود".
(٢) وليست قراءة من قرأ: (رُهُنٌ). شاذة، بل هي متواترة، وليست قواعد النحو والصرف أصلا للقرآن، بل القرآن أصل لهما.
(٣) البيت في اللسان (ر هـ ن) وفيه: قبلك. بدلا من: قلبك.
(٤) غلق الرهن في يد المرتهن: استحقه المرتهن، وذلك إذا لم يفتك في الوقت المشروط. اللسان (غ ل ق).
(٥) في س: "أو".
(٦) لط الغريم بالحق: دافع ومنع، ولط حقه ولط عليه: جحده. اللسان (ل ط ط).