للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المستحقَّين الإثمَ، وأيمانِهما الكاذبةِ، في أنهما قد خانا في كذا وكذا من مال ميِّتِنا، وكذَبا (١) في أيمانِهما التي حلَفا بها، ﴿وَمَا اعْتَدَيْنَا﴾. يقولُ: وما تَجاوَزْنا الحقَّ في أيمانِنا.

وقد بيَّنا أن معنى الاعتداءِ المُجاوَزةُ في الشيءِ حدَّه (٢).

﴿إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾. يقولُ: إنا إن كنا اعْتَدَيْنا في أيمانِنا، فحلَفْنا مُبْطِلين فيها كاذِبِين، ﴿لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾. يقولُ: [لمِن عِدادِ] (٣) مَن يَأْخُذُ ما ليس له أخذه، ويَقْتَطِعُ بأيمانِه الفاجرةِ أموالَ الناسِ.

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِم﴾.

يعني تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿ذَلِكَ﴾: هذا الذي قلتُ لكم في أمرِ الأوْصياءِ إذا ارْتَبْتُم بأمرِهم (٤)، واتَّهَمْتُموهم بخيانةٍ لمالِ مَن أوْصَى إليهم، مِن حبسِهم بعدَ الصلاةِ، واسْتحلافِكم إياهم على ما ادَّعَى قِبَلَهم أولياءُ الميتِ، ﴿أَدْنَى﴾ لهم، ﴿أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا﴾. يقولُ: هذا الفعلُ إذا فعَلْتُم بهم، أقربُ لهم أن يَصْدُقوا في أيمانِهم، ولا يَكْتُموا، ويُقِرُّوا بالحقِّ، ولا يَخُونُوا، ﴿أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾. يقولُ: أو يَخافَ هؤلاء الأوصياءُ إن عُثِر عليهم أنهم اسْتَحَقُّوا إثمًا في أيمانِهم باللهِ، أن تُرَدُّ أيمانُهم على أولياءِ الميتِ بعدَ أيمانِهم التي عُثِر عليها أنها كذبٌ، فيَسْتَحِقُّوا بها ما ادَّعَوْا قِبَلَهم مِن حقوقِهم، فيَصْدُقوا حينَئذٍ في أيمانِهم


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "كذا".
(٢) ينظر ما تقدم في ٢/ ٣٢.
(٣) في م: "لممن عدا و".
(٤) في م، ت ٢: "في أمرهم".