للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عالَم مَن كنتُم بينَ ظَهْرَانَيْه، أيامَ أنتم في طاعتى [تَبْتَغون مرضاتى، فراجِعوا طاعتى] (١)، باتِّباعِ رسولى إليكم، وتصديقِه وتصديقِ ما جاءكم به مِن عندى، ودَعُوا التمادىَ في الضلالِ والغيِّ.

وقد ذكَرْنا فيما مضَى النِّعَمَ التى أنْعَم اللهُ بها على بنى إسرائيلَ، والمعانىَ التى ذكَّرهم اللهُ جلَّ ثناؤُه مِن آلائِه عندَهم، والعالَمَ الذى فُضِّلوا عليه فيما مضَى قبلُ، بالرِّواياتِ والشواهدِ، فكرِهْنا تطويلَ الكتابِ بإعادتِه؛ إذ كان المعنى في ذلك في هذا الموضعِ وهنالك واحدًا (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (١٢٣)﴾.

وهذه الآيةُ ترهيبٌ مِن اللهِ جلَّ ثناؤُه للذين سلَفت عِظَتُه إيَّاهم بما وعَظهم به في الآيةِ قبلَها، يقولُ اللهُ لهم: واتَّقوا يا معشرَ بنى إسرائيلَ المبُدِّلينَ كتابى وتنزيلى، المحرِّفين تأويلَه عن وجهِه، المكذِّبين برسولي محمدٍ عذابَ يومٍ لا تَقْضِى فيه نفسٌ عن نفسٍ شيئًا، ولا تُغْنِى عنها غَناءً؛ أن تَهْلِكوا على ما أنتم عليه مِن كفرِكم، وتكذيبِكم رسولى، فتَمُوتوا عليه، فإنه يومٌ لا يُقْبَلُ مِن نفْسٍ فيما لزِمها فِدْيَةٌ، ولا يَشْفَعُ فيما وجَب عليها مِن حقٍّ لها شافعٌ، ولا هم يَنْصُرُهم ناصرٌ مِن اللهِ إذا انْتَقَم منها بمعصيتِها إيَّاه.

وقد مضَى البيانُ عن كلِّ معانى هذه الآيةِ في نظيرتِها قبلُ، فأَغْنى ذلك عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٣).


(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) ينظر ما تقدم في ١/ ٥٩٤ - ٥٩٦، ٦٢٩، ٦٣٠.
(٣) ينظر ما تقدم في ١/ ٦٣١ وما بعدها.