للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: حدَّثنى حجاجٌ، عن ابنِ جُرَيْجٍ في قولِه: ﴿وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾. أى: لمَن بعدَهم.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٦٧) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (٦٨)﴾.

وهذه الآيةُ مما وبَّخ اللهُ بها المخاطَبِين مِن بنى إسرائيلَ في نَقْضِ أوائلِهم الميثاقَ الذى أخَذه اللهُ عليهم بالطاعةِ لأنْبيائِه، فقال لهم: واذْكُروا أيضًا مِن نَكْثِكم مِيثاقى، ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى﴾ -وقومُه بنو إسرائيلَ، إذ ادَّارَءُوا في القَتيلِ الذى قُتِل فيهم إليه-: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾. والهُزُؤُ: اللَّعِبُ والسُّخْريةُ، كما قال الراجزُ (١):

قد هزِئَتْ منى أُمُّ طَيْسَلَهْ

قالَتْ أَرَاهُ مُعْدِمًا لا شيءَ لَهْ

يعنى بقولِه: قد هَزِئَت: قد سخِرَت ولعِبَت.

ولا يَنْبَغِى أن يَكونَ مِن أنْبياءِ اللهِ -فيما أخْبَرَتْ عن اللهِ مِن أمرٍ أو نهيٍ- هُزُؤٌ أو لعبٌ، فظنُّوا بموسى أنه في أمرِه إياهم -عن أمرِ اللهِ تعالى ذكرُه بذبحِ البقرةِ عندَ تَدَارُئِهم في القتيلِ إليه (٢) - هازئٌ لاعبٌ، ولم يَكُنْ لهم أن يَظُنُّوا ذلك بنبىِّ اللهِ، وهو يُخْبِرُهم أن اللهَ هو الذى أمَرَهم بذبحِ البقرةِ.


(١) هو صخير بن عميرٍ التميمى، والرجز في الأصمعيات ص ٢٣٤، وأمالى القالى ٢/ ٢٨٤، وسمط اللآلى ص ٩٣٠، واللسان (ط س ل) على اختلاف في روايته.
(٢) بعده في م: "أنه".