للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك - حقٌّ، فأيقِنوا بذلك، وبادِروا حلولَ عقوبتِه بكم بالتوبةِ والإنابةِ إلى طاعةِ اللهِ، والإيمانِ به وبرسولِه. ﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾. يقولُ: فلا يغرَّنكم ما أنتم فيه من العيشِ في هذه الدنيا، ورياساتِكم التي تترأسون بها على ضعفائِكم فيها، عن اتباعِ محمدٍ والإيمانِ به (١)، ﴿وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾. يقولُ: ولا يخدَعنَّكم باللهِ الشيطانُ، فيمنِّيَكم الأمانيَّ، ويعدَكم مِن اللهِ العِداتِ الكاذبةَ، ويحملَكم على الإصرارِ على كفرِكم باللهِ.

كما حدَّثنا عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ في قولِه: ﴿وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾. يقولُ: الشيطانُ (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (٦)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ﴾ الذي نهيتُكم أيُّها الناسُ أن تغترُّوا بغُرورِه إياكم باللهِ، ﴿لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾. يقولُ: فأنزِلوه من أنفسِكم مُنزلَ العدوِّ منكم، واحذَروه (٣) - بطاعةِ اللهِ واستغشاشِكم إياه - حِذْرَكم من عدوّكم الذي تخافون غائلتَه على أنفسِكم، فلا تطيعوه ولا تتَّبعوا خطواتِه، فإنه ﴿إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ﴾. يعنى شيعتَه، ومن أطاعه إلى طاعتِه والقبولِ منه والكفرِ باللهِ، ﴿لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾. يقولُ: ليكونوا من المخلَّدين في نار جهنمَ، التي تتوقَّدُ على أهلِها.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) سقط من: م، ت ٢.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره - كما في الإتقان ٢/ ٣٧ - من طريق أبي صالح به.
(٣) في الأصل: "احذروا".