للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تفسيرُ سورةِ "الحاقةِ"

القولُ فى تأويلِ قولِه تعالى: ﴿الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ (٢) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (٣) كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: الساعةُ الحَاقَّةُ التى تَحُقُّ فيها الأمورُ، ويَجِبُ فيها الجزاءُ على الأعمالِ.

﴿مَا الْحَاقَّةُ﴾. يقولُ: أىُّ شيءٍ الساعةُ الحاقةُ. وذُكِر عن العربِ أنها تقولُ: لما عرَف الحاقَّةَ منى (١) والحقَّةَ منى (١) هرَب (٢). وبالكسرِ بمعنًى واحدٍ فى اللغاتِ الثلاثِ، وتقولُ: قد حقَّ عليه الشئُ. إذا وجَب، فهو يَحُقُّ حُقوقًا.

و"الحاقةُ" الأولى مرفوعةٌ بالثانيةِ؛ لأن الثانيةَ بمنزلةِ الكنايةِ عنها، كأنه عجِب منها، فقال: الحاقةُ ما هى! كما يُقالُ: زيدٌ ما زيدٌ! و"الحاقة" الثانيةُ مرفوعةٌ بـ "ما"، و"ما" بمعنى "أى"، و"ما" رفعٌ بـ "الحاقةِ" الثانيةِ، ومثلُه فى القرآنِ: ﴿وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ﴾ [الواقعة: ٢٧]. و ﴿الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ﴾ [القارعة: ١، ٢]، فـ "ما" فى موضعِ رفعٍ بـ "القارعة" الثانيةِ، والأُولى بجملةِ الكلامِ بعدَها.

وبنحوِ الذى قلنا فى قولِه: ﴿الْحَاقَّةُ﴾ قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنى علىٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ، عن علىٍّ، عن ابنِ عباسٍ


(١) فى م، ت ٢، ت ٣: "متى".
(٢) سقط من: النسخ، والمثبت من معانى القرآن للفراء ٣/ ١٧٩.