للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأولى القراءتين بالصوابِ عندى في ذلك قراءةُ مَن قرَأه: ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ﴾. على التوحيدِ على أنه خبرٌ عن ""أحدهما"؛ لأن الخبرَ عن الأمرِ بالإحسانِ إلى الوالدين قد تناهى عندَ قولِه: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾. ثم ابتدَأ قولَه: ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا﴾.

وقولُه: ﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ﴾. يقولُ: فلا تأفَّفُ من شيءٍ (١) تراه من أحدِهما أو منهما مما يتأذَّى به الناسُ، ولكنِ اصبِرْ على ذلك منهما، واحتسِبِ الأجرَ في صبرِك عليه منهما، كما صبَرَا عليك في صغَرِك.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: ثنا محمدُ بنُ مُحَبَّبٍ، قال: ثنا سفيانُ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا﴾. قال: إن بلَغا عندَك من الكبرِ ما يَبُولان ويَخْرَأان، فلا تَقُلْ لهما: أُفٍّ؛ تُقَذِّرُهما (٢).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ قولَه (٣): (إما يَبْلُغَانِّ عِنْدَك الكبرَ): فلا تَقُلْ لهما: أُفٍّ. حيَن تَرَى الْأَذَى، وتُمِيطُ عنهما الأذى (٤) والبولَ، كما كانا يُمِيطَانِه عنك صغيرًا، ولا تُؤْذِهما (٥).


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "شر".
(٢) أخرجه ابن أبى شيبة ٨/ ٥٤٣ من طريق سفيان به بنحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٧١ إلى ابن أبي حاتم وابن المنذر، وهو في تفسير سفيان ص ١٧١ بنحوه من قوله.
(٣) سقط من: م.
(٤) في ص، م: "الخلاء".
(٥) في ت ١، ت ٢، ف: "تؤذيهما".