للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَجِبْتُ مِنْ دَهْمَاءَ إِذْ تَشْكُونا … ومن أبى دَهْمَاءَ إِذْ يُوصِينا

خَيْرًا بها كأنَّنا جافُونا

فأعمَلَ "يوصِينا" في الخيرِ.

واختلَفتِ القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ (١) عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا﴾؛ فقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ أهلِ المدينةِ والبصرةِ، وبعضُ قرأةِ الكوفيين: ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ﴾ على التوحيدِ (٢)، على توجيهِ ذلك إلى "أحدِهما"؛ لأن "أحدَهما" واحدٌ، فوحَّدُوا ﴿يَبْلُغَنَّ﴾ لتوحيدِه، وجعَلوا قولَه: ﴿أَوْ كِلَاهُمَا﴾ معطوفًا على "الأحدِ".

وقرأ ذلك عامةُ قرأةِ الكوفيين: (إما يَبْلُغَانِّ). على التثنيةِ، وكسرِ النونِ وتشديدِها (٣). وقالوا: قد ذُكِر الوالدان قَبْلُ، وقولُه: (يَبْلُغانِّ) خبرٌ عنهما بعد ما قد تقدَّم أسماؤُهما. قالوا: والفعلُ إذا جاء بعدَ الاسمِ كان الكلامُ أن يكونَ فيه دليل على أنه خبرٌ عن اثنين أو جماعةٍ. قالوا: والدليلُ على أنه خبرٌ عن اثنين في الفعلِ المُستقبَلِ الألفُ والنونُ. قالوا: وقولُه: ﴿أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا﴾. كلامٌ مُستأنَفٌ، كما قيل: ﴿فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ﴾ [المائدة: ٧١]. وكقولِه: (﴿وَأَسَرُّوا النَّجْوَى﴾. ثم ابتدَأ فقال: ﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ [الأنبياء: ٣].


(١) في ص، ت ١، ف: "يبلغان".
(٢) وهى قراءة ابن كثير ونافع وأبى عمرو وعاصم وابن عامر. السبعة لابن مجاهد ص ٣٧٩.
(٣) وهى قراءة حمزة والكسائى. المصدر السابق.