يعنى تعالى ذكرُه بقولِه (١) مخبرًا عن قِيلِ الملإِ الذين كفَروا من قومِ نوحٍ: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ﴾: ما نوحٌ إلَّا رجلٌ به جنونٌ. وقد يقالُ أيضًا للجنِّ: جِنَّةٌ. فيتفقُ الاسمُ والمصدرُ.
و ﴿هُوَ﴾ من قولِه: ﴿إِنْ هُوَ﴾ كنايةُ اسمِ نوحٍ.
وقولُه: ﴿فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ﴾ يقولُ: فتَلَبَّثُوا به وتَنظَّرُوا به، ﴿حَتَّى حِينٍ﴾. يقولُ: إلى وقتٍ ما. ولم يَعْنُوا بذلك وقتًا معلومًا، إنما هو كقولِ القائلِ: دعْه إلى يومٍ ما، أو: إلى وقتٍ ما.
وقولُه: ﴿قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ﴾. يقولُ: قال نوحٌ داعيًا ربَّه، مستنصِرًا به على قومِه، لما طال أمرُه وأمرُهم، وتمادَوا في غيِّهم: ﴿رَبِّ انْصُرْنِي﴾ على قومى ﴿بِمَا كَذَّبُونِ﴾. يعنى: بتكذيبِهم إيايَ فيما أبلَغتُهم من رسالتِك، ودعوتُهم إليه من توحيدِك.
وقولُه: ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا﴾. يقولُ: فقلنا له حين استنصَرَنَا على كَفَرِة قومِه: ﴿اصْنَعِ الْفُلْكَ﴾، وهي السفينةُ، ﴿بِأَعْيُنِنَا﴾. يقولُ: بمرْأًى منا ومنظرٍ، ﴿وَوَحْيِنَا﴾. يقولُ: وبتعليمِنا إياك صَنَعْتَها، ﴿فَإِذَا