للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قولُه: ﴿كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾. فإنه يقولُ تعالى ذكرُه: كما نُحْيِي هذا البلدَ الميتَ بما نُنَزِّلُ به مِن الماءِ الذي نُنَزِّلُه مِن السحابِ، فنُخرِجُ به مِن الثمراتِ بعدَ موتِه وجُدُوبتِه وقُحُوطِ أهلِه، كذلك نُخرِجُ الموتَى مِن قبورِهم أحياءً بعد فنائِهم، ودُرُوسِ آثارِهم، ﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه للمشركين به مِن عبدةِ الأصنامِ، المُكذِّبين بالبعثِ بعدَ المَماتِ، المُنْكِرين الثوابَ والعقابَ: ضَرَبْتُ لكم أيُّها القومُ هذا المثلَ الذي ذَكَرتُ لكم، مِن إحياءِ البلدِ الميتِ بقَطْرِ المطرِ، الذي يَأْتى به السحابُ، الذي تَنْشُرُه الرياحُ التي وَصَفْتُ صفتَها؛ لتَعْتَبروا، فتَذْكُروا وتَعْلَموا أن مَن كان فِعلُ (١) ذلك مِن قُدرتِه، فيسيرٌ في قدرتِه (٢) إحياءُ الموتى بعدَ فنائِها، وإعادتُها خلقًا سَوِيًّا بعدَ دُرُوسِها.

وبنحوِ ما قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ قولَه: ﴿كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾: وكذلك تُخْرَجون، وكذلك النشورُ، كما يُخْرِجُ (٣) الزرع (٤) بالماءِ (٥).

وقال أبو هريرةَ: إن الناسَ إذا ماتوا في النفخةِ الأولى، أُمْطِرَ عليهم من ماءٍ تحتَ العرشِ يُدْعَى ماءُ الحيوانِ أربعين سنةً، فيَنْبتُون كما يَنْبُتُ الزرعُ مِن الماءِ، حتى إذا اسْتُكْمِلت أجسادُهم، نُفِخَ فيهم الروحُ، ثم تُلْقَى عليهم نَوْمةٌ، فَيَنامون في


(١) ليست في: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف.
(٢) سقط من: م، وفي ص: "مقدرته".
(٣) في م: "نخرج".
(٤) في الأصل: "الزروع".
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥٠٣ (٨٦١٤) من طريق أحمد بن المفضل به.