للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ﴿عُذْرًا أَوْ نُذْرًا﴾: عذرًا للهِ على خلقِه، ونذرًا للمؤمنين يَنْتَفِعون به، ويَأْخُذُون به (١).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ: ﴿عُذْرًا أَوْ نُذْرًا﴾. يعني: الملائكةَ.

واختلَفت القرَأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأته عامةُ قرَأةِ المدينةِ والشامِ وبعضُ المكيين وبعضُ الكوفيِّين: ﴿عُذْرًا﴾ بالتخفيفِ، (أو نُذُرًا) بالتثقيلِ (٢). وقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ الكوفةِ وبعضُ البصريين بتخفيفِهما (٣). وقرَأه آخرون من أهل البصرةِ بتثقيلِهما (٤)، والتخفيفُ فيهما أعجبُ إليَّ وإن لم أدفَعْ صحةَ التثقيلِ؛ لأنهما مَصدَران بمعنى الإعذارِ والإنذارِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (٧) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (٨) وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (٩) وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (١٠) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (١٣) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥)

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا﴾، إن الذي تُوعَدون أيُّها الناسُ من الأمورِ لواقعٌ، وهو كائنٌ لا محالةَ، يعنى بذلك يومَ القيامةِ، وما ذكر اللهُ أنه أعدَّ لخلقِه يومئذٍ من الثوابِ والعذابِ.

وقولُه: ﴿فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ﴾. يقولُ: فإذا النجومُ ذَهَب ضياؤُها، فلم يكن يَكنْ


(١) في ت ٢، ت ٣: "منه".
(٢) قرأ بها نافع وابن عامر وابن كثير وأبو بكر عن عاصم. ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٦٦٦.
(٣) أي: بالتحريك، وقرأ بها أبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم. المصدر السابق.
(٤) هي قراءة الأعمش. ينظر الحجة ص ٧٤٢.