للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نجيحٍ، عن مجاهدٍ مثلَه.

وإنما كراهتُهم الموتَ لعلمِهم بما لَهم فى الآخرةِ من الخزْىِ والهَوانِ الطويلِ.

القولُ فى تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾.

يَعْنى جل ثناؤُه بقولِه: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾: وأحرصَ من الذين أشرَكُوا على الحياةِ. كما يقالُ: هو أَشجعُ الناسِ ومن عنترةَ. بمعنى: هو أشجعُ من الناسِ ومن عنترةَ. فكذلك قولُه: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾. لأن معنى الكلامِ: ولَتَجِدَنَّ يا محمدُ اليهودَ من بنى إسرائيلَ أحرصَ من (١) الناسِ على حياةٍ ومن الذين أشركُوا. فلمّا أُضِيفَ ﴿أَحْرَصَ﴾ إلى ﴿النَّاسِ﴾، وفيه تأويلُ "مِن" - أُظْهِرَتْ بعدَ حرفِ العطفِ رَدًّا على التأويلِ الذى ذكَرْنا.

وإنما وصَف اللهُ جل ثناؤُه اليهودَ بأنهم أحرصُ الناسِ على الحياةِ، لعِلْمِهم بما قد أَعَدَّ لهم فى الآخرةِ على كفرِهم، مما لا يُقِرُّ به أهلُ الشركِ، فهم للموتِ أكْرَهُ من أهلِ الشركِ الذين لا يُؤْمِنون بالبعثِ؛ لأنهم يُؤمنون بالبعثِ ويَعْلَمون ما لهم هنالك من العذابِ، وأنَّ المُشركِينَ لا يُصَدِّقُون ببعثٍ ولا عقابٍ، فاليهودُ أحرصُ منهم على الحياةِ وأكرَهُ للموتِ.

وقيل: إن الذين أَشركُوا، الذين أخبرَ اللهُ تعالى ذكرُه أن اليهودَ أحرصُ منهم فى هذه الآيةِ على الحياةِ، هم المجوسُ. [وقيل: هم] (٢) الذين لا يُصَدِّقُون بالبعثِ.


(١) سقط من: م.
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.