للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لأَجْرًا﴾ بسحرِنا (١) قِبَلَك ﴿إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ﴾ موسى؟

﴿قَالَ﴾ فرعونُ لهم: ﴿نَعَمْ﴾، لكم الأجرُ على ذلك، ﴿وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ منا. فقالوا عندَ ذلك لموسى: إما أن تُلْقِيَ وإما أن نكونَ نحن الملقين. وتُرِك ذكرُ قيلِهم ذلك؛ لدلالةِ خبرِ اللهِ عنهم أنهم قال لهم موسى: ألْقُوا ما أنتم ملقون - على أن ذلك معناه.

﴿قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ﴾ من حبالِكم وعِصيِّكم.

﴿فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ﴾ من أيديهم ﴿وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ﴾ يقولُ: أقسموا بقوة فرعونَ، وشدةِ سلطانه، ومَنعة مملكته، ﴿إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ﴾ موسى.

القولُ في تأويلِ قولهِ تعالى: ﴿فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (٤٥) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (٤٦) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٧) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (٤٨) قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: فألقى موسى عصاه حينَ ألقت السحرةُ حبالهم وعِصيَّهم، ﴿فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ﴾. يقولُ: فإذا عصا موسى تزدَرِدُ (٢) ما يأتُون به من الفِرْيَةِ والسحرِ الذي لا حقيقةَ له، وإنما هو مخايلُ (٣) وخُدْعةٌ.

﴿فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ﴾. يقولُ: فلما تبيَّن السحرةُ أن الذي جاءهم به موسى حقٌّ لا سحرٌ، وأنه مما لا يقدِرُ عليه غيرُ اللهِ الذي فطَر السماواتِ والأرضِ من غيرِ أصلٍ، خرُّوا لوجوههم سُجدًا للهِ، مُذْعنين له (٤) بالطاعةِ، مقرِّين لموسى بالذي أتاهم به من عندِ


(١) في ص، م، ف: "سحرنا"، وسقط من: ت ٢.
(٢) الازدراد: الابتلاع. اللسان (ز ر د).
(٣) في م: "مخاييل".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، ف: "لله".