للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو "تفتعلوا" (١) من الرِّيبةِ.

ومعنى الكلامِ: ولا تمَلُّوا أيُّها القومُ أن تَكْتُبوا الحقَّ الذي لكم قِبَلَ مَن دايَنتُموه مِن الناسِ إلى أجلٍ، صغيرًا كان ذلك الحقُّ [أو كبيرًا] (٢)، فإن كتابَكم ذلك أعدلُ عندَ اللهِ، وأصوبُ لشهادةِ شهودِكم عليه، وأقربُ لكم ألا تشكُّوا فيما يشهدُ به شهودُكم عليكم مِن الحقِّ والأجلِ إذا كان مكتوبًا.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤه: ﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ [تِجَارَةً حَاضِرَةً] (٣) تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا﴾.

ثم استثنى جلَّ ثناؤه مما نهاهم أن يَسْأَموه من اكتتابِ كتبِ حقوقِهم على غرمائِهم من الحقوقِ التي لهم عليهم، ما وجَب لهم قِبَلَهم من حقٍّ، عن مبايعةٍ بالنقودِ الحاضرةِ يدًا بيدٍ، فرخَّص لهم في تركِ اكتتابِ الكتبِ بذلك؛ لأن كلَّ واحدٍ منهم، أعنى مِن الباعةِ والمشترين، يَقْبِضُ إذا كان التواجبُ بينهم فيما تبايعوه (٤) نقدًا (٥)، ما وجَب له قِبَلَ مُبايعيه قبلَ المفارقةِ، فلا حاجةَ بهم في ذلك إلى اكْتِتابِ أحدِ الفريقَين على الفريقِ الآخرِ كتابًا بما وجَب لهم قِبلَهم، وقد تقابَضوا الواجبَ لهم عليهم، فلذلك قال تعالى ذكرُه: ﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ﴾. لا أجلَ فيها ولا تأخيرَ ولا ثُنيا (٦)، ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا﴾. يقولُ: فلا حرجَ عليكم ألا تَكْتُبوها. يعنى التجارةَ الحاضرةَ.

وبنحوِ ما قلنا في ذلك قال جماعةٌ من أهلِ التأويلِ.


(١) في ص، س: "تفعيل"، وفى م: "تفتعل".
(٢) في الأصل، ص، م، ت ١، ت ٢ ت ٣: "قليلًا أو كثيرًا"، وكتب مقابله في حاشية الأصل: "كبيرًا".
(٣) ضبطها في الأصل: "تجارةُ حاضرةٌ". بالرفع، وهى القراءة التي اختارها المصنف كما سيأتي.
(٤) في ص، م، ت ٢، ت ٣: "يتبايعونه"، وفى ت ١، س: "يبايعونه".
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢ ت ٣ س: "بعد".
(٦) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت: "نساء"، وفى س: "شيا".