للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَكْرًا﴾. يقولُ: فأَخَذْناهم بعقوبتِنا إياهم، وتعجيلنا للعذاب لهم، ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ بمكرنا.

وقد بيَّنا فيما مضى معنى مكْرِ الله بمن مكر به، وما وجهُ ذلك، وأنه أَخْذُه من أخذه منهم على غِرَّةٍ، أو استدراجه من استدرج منهم على كفره به ومعصيته إياه، ثم إحلاله العقوبة به على غِرَّةٍ وغفلةٍ (١).

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمد بن بشارٍ، قال: ثنا مُؤَمَّلٌ، قال: ثنا سفيانُ، عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن رجلٍ، عن عليٍّ، قال: المكرُ غَدرُ، والغَدرُ كفرٌ.

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا﴾. قال: احتالوا لأمرهم، واحتال الله لهم مكروا بصالح مكرًا، ومكرنا بهم مكرًا، وهم لا يشعرون بمكرنا، وشعرنا بمكرهم، قالوا: زعَم صالحٌ أنه يَفْرُغُ منا إلى ثلاثٍ، فنحن نَفْرُغُ منه وأهله قبل ثلاثٍ. وكان مسجدٌ له في الحجر في شِعْبٍ ثَمَّ يُصَلِّي فيه، فخرجوا إلى كهفٍ، وقالوا: إذا جاء يُصَلِّي قتَلْناه، ثم رجَعْنا إذا فرَغْنا منه إلى أهله ففرَغْنا منهم. وقرأ قولَ الله : ﴿قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾. فبعث الله صخرةً من الهَضْبِ (٢) حِيالَهم، فخَشُوا أَن تَشْدَخَهم، فبادروا الغار (٣)، فطَبَّقت (٤) الصخرةُ عليهم فم ذلك الغارِ، فلا يَدْرِى قومُهم أين هم،


(١) ينظر ما تقدم في ١/ ٣١٢ - ٣١٦.
(٢) الهضب: الجبل المنبسط ينبسط على الأرض، وقيل: هو الجبل الممتنع المنفرد. اللسان (هـ ض ب).
(٣) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ف.
(٤) طبَّق: غطى. اللسان (ط ب ق).