للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يدرُون ما فُعِل بقومِهم، فعذَّب الله هؤلاء ههنا، وهؤلاء ههنا، وأنجى الله صالحًا ومن معه (١).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة: ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا﴾. قال: فسلَّط الله عليهم صخرةً فقتلتهم (٢).

وقوله: ﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ﴾. يقول تعالى ذكره: فانظُر يا محمدُ بعين قلبك [إلى عاقبة غَدْرِ ثمود بنبيِّهم صالحٍ] (٣)، كيف كانت؟ وما الذي أورثها اعتداؤُهم وطغيانهم وتكذيبهم؟ فإن ذلك سُنتُنا في من كذَّب رسلنا، وطغى علينا من سائر الخلقِ، فَحَذِّرْ قومك من قريشٍ أن ينالهم بتكذيبهم إياك ما نال ثمود بتكذيبهم صالحًا من المَثُلاتِ (٤).

وقوله: ﴿أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ﴾. يقولُ: أنا دمَّرنا التسعة الرهط الذين يُفسدون في الأرضِ من قومِ صالحٍ وقومهم من ثمود أجمعين، فلم تُبق منهم أحدًا.

واختلفت القرأةُ في قراءة قوله: ﴿أَنَّا﴾؛ فقرأ بكسرها عامةُ قرأَةِ الحجاز والبصرة على الابتداء، وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفة: ﴿أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ﴾. بفتح الألف (٥). وإذا فُتحت كان في ﴿أَنَّا﴾ وجهان من الإعراب؛ أحدهما، الرفعُ


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩٠٣ - ٢٩٠٤ من طريق أصبغ، عن ابن زيد.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٨٣ - ومن طريقه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٠٢ - عن معمر به، وأخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩٠٢ من طريق سعيد، عن قتادة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١١٢ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) في ت ٢: "كيف كان عاقبة مكرهم".
(٤) المثلة، بفتح الميم وضم الثاء: العقوبة، والجمع المثلات. اللسان (م ث ل).
(٥) قرأها عاصم وحمزة والكسائي بالفتح، وقرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر بالكسر، السبعة لابن مجاهد ص ٤٨٤.