للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كنتَ صادقًا (١).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٧٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: قالت إخوةُ يوسُفَ ليوسُفَ: ﴿يَاأَيُّهَا الْعَزِيز﴾: يا أيُّها الملكُ، ﴿إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا﴾ كَلِفًا بحبِّه، يَعْنون يعقوبَ، ﴿فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ﴾. يعنون: فخُذْ أحدًا منا بدَلًا من بِنيامينَ، وخلِّ عنه، ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾. يقولون: إنا نراك مِن المحسنينَ في أفعالِك.

وقال محمدُ بنُ إسحاقَ في ذلك، ما حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾: إنا نرى ذلك منك إحسانًا إن فعَلْتَ (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ (٧٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: قال يوسفُ لإخوتِه: ﴿مَعَاذَ اللَّهِ﴾: أعوذُ باللَّهِ. وكذلك تَفْعَلُ العربُ في كلِّ مصدرٍ وضَعَتْه (٣) موضعَ "يَفْعَل" و "تفْعَل"، فإنها تَنْصِبُ؛ كقولِهم: حمدًا للَّهِ وشكرًا له. بمعنى: أَحْمَدُ اللَّهَ وأَشْكُرُه، والعربُ تقولُ في ذلك: معاذَ اللَّهِ، ومعاذَةَ اللَّهِ. فتُدْخِلُ فيه هاءَ التأنيثِ، كما يقولون: ما أحْسَنَ


(١) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٣٥٥، ٣٥٦، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢١٧٩ (١١٨٣٨) من طريق أسباط به.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢١٨٠ (١١٨٤٥) من طريق سلمة به.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢: "وصفته".