للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَلَا تَطْغَوْا﴾. يقولُ: ولا تَعْدُوا أمرَه إلى ما نهاكم عنه، ﴿إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾. يقولُ: إن ربَّكم أيُّها الناسُ بما تَعْمَلون مِن الأعمالِ كلِّها؛ طاعتِها ومعصيتِها ﴿بَصِيرٌ﴾: ذو علمٍ بها، لا يَخْفَى عليه منها شيءٌ، وهو لجميعِها مُبصِرٌ. يقولُ تعالى ذكرُه: فاتَّقُوا اللهَ أَيُّها الناسُ، أن يَطَّلِعَ عليكم ربُّكم، وأنتم عامِلون بخلافِ أمرِه، فإنه ذو علمٍ بما تَعْمَلون، وهو لكم بالمِرْصادِ.

وكان ابنُ عُيَيْنَةَ يقولُ في معنى قولِه: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ﴾. ما حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ الزبيرِ، عن سفيانَ في قولِه: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ﴾. قال: اسْتَقِمْ على القرآنِ (١).

حدَّثني يونُسُ (٢)، قال: أخْبَرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَلَا تَطْغَوْا﴾. قال: الطغيانُ خِلافُ اللهِ، وركوبُ معصيتِه، ذلك الطغيانُ (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (١١٣)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ولا تَمِيلوا أيُّها الناسُ إلى قولِ هؤلاء الذين كفَروا باللهِ، فتَقْبَلوا منهم وتَرْضَوْا أعمالَهم، ﴿فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾ بفعلِكم ذلك، ومالكم مِن دونِ اللهِ مِن ناصرٍ يَنْصُرُكم، وولىٍّ يَلِيكم، ﴿ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾. يقولُ: فإنكم إن فعَلْتُم ذلك لم يَنْصُرْكم اللهُ، بل يُخَلِّيكم مِن نُصْرتِه، ويُسَلِّطُ عليكم عدوَّكم.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٣/ ٣٥١ إلى أبى الشيخ.
(٢) في ف: "المثنى".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ٢٠٨٩ من طريق آخر عن ابن زيد به.