للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تفسيرُ سورةِ محمدٍ -

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (٢)﴾.

قال أبو جعفرٍ: يقولُ تعالى ذكرُه: الذين جَحَدوا توحيدَ اللهِ وعبَدوا غيرَه، وصدُّوا من أراد عبادتَه والإقرارَ بوحدانيتِه، وتصديقَ نبيِّه محمدٍ عن الذي أراد من الإسلامِ والإقرارِ والتصديقِ، ﴿أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾. يقولُ: جعَل اللهُ أعمالَهم ضلالًا على غيرِ هدًى وغيرٍ رشادٍ؛ لأنها عُمِلت في سبيلِ الشيطانِ، وهى على غيرِ استقامةٍ.

﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: والذين صدَّقوا الله، وعمِلوا بطاعتِه، واتَّبعوا أمرَه ونهيَه، ﴿وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ﴾. يقولُ: وصدَّقوا بالكتاب الذي أنزل اللهُ على محمدٍ، ﴿وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾. يقولُ: محَا اللهُ عنهم بفعلِهم ذلك سيّئَ ما عمِلوا من الأعمالِ، فلم يؤاخِذْهم به، ولم يعاقِبْهم عليه، ﴿وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾. يقولُ: وأصلَح شأنَهم وحالَهم في الدنيا عندَ أوليائِه، وفى الآخرةِ بأن أورَثهم نعيمَ الأبدِ والخلودَ الدائمَ في جناتِه.

وذُكر أنه عُنِى بقولِه: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ الآية، أهلُ مكةَ، ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ الآية، أهلُ المدينةِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني إسحاقُ بن وهبٍ الواسطيُّ، قال: ثنا عبيدُ الله بنُ موسى، قال: أخبَرنا