للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الليثِ، عن يزيدَ بنِ الهادِ، عن عبدِ اللهِ بنِ خَبّابٍ (١)، عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، أنه سمِع رسولَ اللهِ يقولُ: "لا تُواصِلُوا، فأيُّكم أراد أن يُواصِلَ فَلْيُواصِلْ حتَّى السَّحَرِ". قالوا: يا رسولَ اللهِ، إنَّك تواصلُ! قال: "إنِّي لَسْتُ كهَيْئَتِكُم، إني أبِيتُ لي مُطْعِمٌ يُطْعِمُني وساقٍ يَسْقِيني" (٢).

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا أبو نُعيمٍ، قال: ثنا أبو إسرائيلَ العبسيُّ، عن أبي بكرِ ابنِ حفصٍ، عن أمِّ ولدِ حاطبِ بنِ أبي بلْتَعةَ أنها مرَّتْ برسولِ اللهِ وهو يتسَحَّرُ، فدعاها إلى الطعامِ فقالت: إني صائمةٌ. قال: "وكيف تَصومين؟ " فذكرَتْ ذلك للنبيِّ ، فقال: "أينَ أنتِ من وصالِ آلِ محمدٍ ، من السَّحَرِ إلى السَّحَرِ؟ " (٣).

فتأويلُ الآيةِ إذن: ثم أتمُّوا الكفَّ عمَّا أمرَكم اللهُ بالكفِّ عنه، من حيِن يتبيَّنُ لكم الخيطُ الأبيضُ من الخيطِ الأسودِ من الفجرِ إلى الليلِ، ثم حَلَّ لكم ذلك بعده، إلى مثلِ ذلك الوقتِ.

كما حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾. قال: من هذه الحدودِ الأربعةِ. فقرَأ: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾. فقرَأ حتى بلَغ: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾. وكان أبي وغيرُه من مَشْيختِنا يقولون هذا ويتلونَه علينا.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾.


(١) في ت ٢: "حباب". وينظر تهذيب الكمال ١٤/ ٤٤٩.
(٢) أخرجه البخاري (١٩٦٣) من طريق الليث به، وأخرجه أحمد ١٧/ ١٠٨، ١٠٩، ٣٤٠ (١١٠٥٥، ١١٨٢٢)، والبخاري (١٩٦٧) من طريق يزيد به.
(٣) ذكره ابن كثير في تفسيره ١/ ٣٢٣ عن المصنف.