للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (٥٣)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وحَلَف هؤلاء المُعْرِضون عن حُكْمِ اللَّهِ وحُكْمِ رسولِه إذ دُعُوا إليه، ﴿بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾. يقولُ: أغلظَ أيمانِهم وأشدَّها. ﴿لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ﴾ يا محمدُ بالخروجِ إلى جهادِ عدوِّك وعدوِّ المؤمنين، ﴿لَيَخْرُجُنَّ﴾، ﴿قُلْ لَا تُقْسِمُوا﴾: لا تَحْلِفوا؛ فإن هذه ﴿طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ﴾ منكم فيها التكذيبُ.

كما حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جُرَيجٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ﴾. قال: قد عرَفتُ طاعتَكم، أي (١) إنكم تَكذِبون (٢).

﴿إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾. يقولُ: إن الله ذو خبرةٍ بما تَعْمَلُون مِن طاعتِكم الله ورسولَه، أو خلافِكم أمرَهما، أو غيرِ ذلك مِن أمورِكم، لا يَخْفَى عليه مِن ذلك شيءٌ، وهو مُجازِيكم بكلِّ ذلك.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (٥٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿قُلْ﴾ يا محمدُ لهؤلاء المُقْسِمِين بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهم لئن أمرتَهم ليَخْرُجُنَّ، وغيرِهم مِن أمَّتِك: ﴿أَطِيعُوا الله﴾ أيُّها القومُ، فيما أمَرَكم به ونَهاكم عنه، ﴿وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾؛ فإن طاعتَه للهِ طاعةٌ، ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾. يقولُ: فإن تُعْرِضوا وتُدْبِروا عما أمَرَكم به رسولُ اللهِ ، أو نَهاكم عنه، وتَأْبَوا أن


(١) في النسخ: "إلى". والمثبت من الدر المنثور.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٥٤ إلى ابن المنذر.