للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ﴾. أدْرَكَتْه الرِّقَّةُ، وباح لهم بما كان يَكْتُمُهم (١) مِن شأنِه.

كما حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: ذُكِر لي أنهم لمَّا كلَّموه بهذا الكلامِ غَلَبَتْه نفسُه، فارْفَضَّ دمعُه باكيًا، ثم باح لهم بالذي يَكْتُمُ منهم، فقال: ﴿هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ﴾. ولم يَعْنِ بذِكْرِ أخيه ما صنَعه هو فيه حين أخَذه، ولكن للتفريقِ بينَه وبين أخيه، إذ صنَعوا بيوسفَ ما صنَعوا (٢).

حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ﴾ الآية. قال: فرحِمهم عند ذلك، فقال لهم: ﴿هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ﴾ (٣).

فتأويلُ الكلامِ: هل تَذْكُرون ما فعَلْتم بيوسفَ وأخيه إذ فرَّقْتُم بينَهما، وصَنَعْتم ما صنَعْتم، ﴿إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ﴾. يعنى في حالِ جهلِكم بعاقبةِ ما تَفْعَلون بيوسفَ، وما إليه صائرٌ أمرُه وأمرُكم؟

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قَالُوا أَإِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٩٠)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: قال إخوةُ يوسفَ له حينَ قال لهم ذلك يوسفُ: ﴿أَإِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ﴾. فقال: نعم ﴿أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا﴾، بأن


(١) في ت ١: "يكتمه"، وفى ت ٢، ف: "يتهمهم".
(٢) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٣٥٩، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢١٩٣ (١١٩٣٧) من طريق سلمة به.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢١٩٣ (١١٩٣٦) من طريق أسباط به.