للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَاجِدِينَ﴾. قال: ذُكِر لنا أنهم كانوا في أوّلِ النهارِ سحرةً، وآخرِه شهداءَ (١).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جريجٍ (٢): ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ﴾. قال: كانوا أوَّلَ النهارِ سحرةً، وآخرَه شهداءَ (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (١٢٧)﴾.

يقول تعالى ذكرُه: وقالت جماعةُ رجالٍ مِن قومِ فرعونَ لفرعونَ: أَتَدَعُ موسى وقومَه مِن بنى إسرائيلَ ﴿لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ﴾. يقولُ: كي يُفْسِدوا خدَمَك وعبيدَك عليك في أرضِك من مصرَ، ﴿وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ﴾. يقولُ (٤): ويدَعُ خِدْمتَك موسى وعبادَتَك وعبادةَ آلهَتِك؟

وفي قوله: ﴿وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ﴾. وجهان مِن التأويلِ؛ أحدُهما: أتذرُ موسى وقومَه ليفسِدُوا في الأرضِ وقد تَرَككَ وتَرَك عبادتَكَ وعبادةَ آلهيك؟ وإذا وُجِّه الكلامُ إلى هذا الوجهِ مِن التأويلِ كان النصبُ في قولِه: ﴿وَيَذَرَكَ﴾. على الصرفِ (٥)، لا على العطفِ به على قولِه: ﴿لِيُفْسِدُوا﴾. والثاني: أتذرُ موسى وقومَه ليفسِدوا في الأرضِ وليذرَك وآلهتَك. كالتوبيخِ منهم لفرعونَ على تركِ موسى ليفعلَ هذين الفعلين. وإذا وُجِّه الكلامُ إلى هذا الوجهِ كان نصبُ


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٠٧ إلى المصنف وعبد بن حميد.
(٢) بعده في ص، م، ف: "عن مجاهد".
(٣) ذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٤٥٥.
(٤) بعده في ص: "يدعك"، وفى م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "يدرك".
(٥) تقدم تعريف المصنف للصرف في ٦/ ٩٢. وينظر ١/ ٦٠٧، ٦٠٨.